(ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ) وفي رواية عبد الوهّاب الثقفي، عن خالد التالية: "ثُمّ قام، فدخل الْحُجْرة"، وفيه أن ترك استقبال القبلة، والمشي الكثير سهوًا لا يُبطل الصلاة (فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ) -بكسر الخاء المعجمة، وسكون الراء- (وَكَانَ فِي يَدَيْهِ) وفي نسخة: "في يده" بالإفراد (طُولٌ) وفي رواية الثقفيّ التالية: "فقام رجل بَسِيط اليدين"، وهو بمعنى طويل اليدين (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ) أي ذكر الْخِرْباق للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الأمر الذي صنعه في تلك الصلاة، وهو تسليمه من ثلاث ركعات، وفي رواية الثقفيّ، "فقال: أَقصرت الصلاة يا رسول اللَّه؟ "، وفي رواية النسائيّ من طريق يزيد بن زُريع عن خالد: "فقال: يعني نقصت الصلاة يا رسول اللَّه؟ "، وفي رواية له من طريق حماد بن زيد، عن خالد: "فقال له الْخِرْباق: إنك صلّيت ثلاثًا" (وَخَرَجَ غَضْبَانَ) فعلان من الغضب، وهو غير منصرف؛ للوصفيّة، وزيادة الألف والنون، فما وقع في بعض النسخ منصرف غلطٌ، فتنبّه.
وفي رواية الثقفيّ: "فخرج مُغْضَبًا"، قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وغضبه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَحْتَمِلُ أن يكون إنكارًا على المتكلّم؛ إذ قد نسبه إلى ما كان يعتقد خلافه، ولذلك أقبل على الناس مستكشفًا عن ذلك، وعلى هذا يدلّ ما في الرواية الأخرى؛ إذ قال فيها: "فقام رجلٌ بسيط اليدين، فقال: قُصرت الصلاة يا رسول اللَّه؟ ، فخرج مغضبًا".
ويَحْتَمِل أن يكون غضبه لأمر آخر لم يذكره الراوي، وكأن الأول أظهر.
قال: وحديث عمران بن حُصين هذا واقعة أخرى غير واقعة حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد سبق لك أن حمل الحديثين على تعدّد الواقعة هو الأرجح، كما ذهب إليه ابن خزيمة، وابن حبّان، وغيرهما؛ لأن دعوى اتّحاد القصّتين يؤدّي إلى تكلّف وتعسّف في الجمع، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.