حرّ، أو عبد، ذكر أو أنثى، من المسلمين"، فإن مخرج الحديث واحدٌ، فيتخصص إيجاب إخراج زكاة الفطر بكونه عن كلّ مسلم، عملًا بهذه القاعدة.

وهذا كلّه إذا لم تكن الرواية المتضمنة للتقييد، أو التخصيص شاذّة مخالفة لبقية الروايات، بل يكون الذي جاء بها حافظًا متقنًا، يُقبل تفرّده وزيادته.

فأما إذا كان سيئ الحفظ قليل الضبط، وكانت الروايات الأخرى من طرق أهل الضبط والإتقان، وهم أكثر منه عددًا، فالحكم لروايتهم، ولا نظر إلى رواية ذاك الذي هو دونهم.

المثال الرابع: ردّ إحدى الروايتين إلى الأخرى بتفسير المبهم، وتبيين المجمل، وذلك مثل حديث كفارة الوقاع في رمضان، فإن مدار الحديث على الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، واختلفوا على الزهري فيه:

فقال عنه الإمام مالك، وابن جريج، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وجماعة آخرون: أن رجلًا أفطر في رمضان، فأمره النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُعْتِق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينًا، فقال: لا أجد. . . وذكروا الحديث.

وقالت فيه طائفة آخرون أكثر منهم عددًا، منهم: سفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد، ومعمر، وشعيب بن أبي حمزة، وعُقَيل، وإبراهيم بن سعد، والليث، والأوزاعي، وغيرهم: أن رجلًا قال للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: وقعت على امرأتي في شهر رمضان، فقال له النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تجد ما تُعتقُ رقبةً؟ " قال: لا، قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ " قال: لا، قال: "فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟ " قال: لا. . . الحديث.

فهذا يَقْوَى فيه القولُ بأن تجعل رواية هؤلاء مفسّرة لما أبُهِمَ في رواية أولئك من جهة المفطِّر، ومقيّدًا للكفّارة بالترتيب، لا بالتخيير، كما هو ظاهر هذه الرواية الثانية؛ لأن الحديث واحد، اتحد مخرجه.

وأما إذا لم يتَأَتَّ الجمع بين الروايات، وتعذّر ردّ إحداهما إلى الأخرى، فهذا محلّ النظر، ومجال الترجيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015