ابن عباس، فذكر ذلك له بعضهم، كأنه يريد أن يعيب بذلك ابن الزبير، فقال ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أصاب، وأصابوا.

وهذا أصحّ إسناد لهذه الرواية، وليس فيه رفع ابن عباس ذلك إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

[تَتمَّةٌ]:

قال الإمام أبو بكر ابن خزيمة في "صحيحه" بعد سياقه حديث معاوية بن حُدَيج المتقدم:

هذه القصة غير قصة ذي اليدين؛ لأن المُعْلِم للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سها في هذه القصة طلحة بن عبيد اللَّه، ومُخبر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في تلك القصة ذو اليدين، والسهو من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في قصّة ذي اليدين إنما كان في الظهر، أو العصر، وفي هذه القصّة إنما كان السهو في المغرب، لا في الظهر، ولا في العصر.

وقصة عمران بن حصين، والخرباقِ قصَّةٌ ثالثةٌ؛ لأن التسليم في خبر عمران من الركعة الثالثة، وفي قصة ذي اليدين من الركعتين، وفي خبر عمران: دخل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حجرته، ثم خرج من الحجرة، وفي خبر أبي هريرة: قام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى خشبة معروضة في المسجد، فكلّ هذه أدلة على أن هذه القصص ثلاث قصص، سها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مرّة، فسلّم من الركعتين، وسها مرة أخرى، فسلّم في ثلاث ركعات، وسها مرة ثالثة، فسلّم في الركعتين من المغرب، وتكلم في المرّات الثلاث، ثم أتمّ صلاته. انتهى كلامه.

وكذلك قال الشيخ محيي الدين -يعني النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في حديث أبي هريرة وعمران: إنهما واقعتان، لكنه زاد شيئًا آخر، فجعل حديث أبي هريرة أيضًا واقعتين، كان السهو في إحداهما في صلاة الظهر، وفي الأخرى في صلاة العصر، وجمع بذلك بين الروايات المختلفة فيه في تعيين الصلاة المسهوّ فيها، ونقل هذا عن المحققين.

قال العلائيّ: وفي ذلك نظرٌ، بل الظاهر الذي يقتضيه كلام ابن عبد البرّ، والقاضي عياض، وغيرهما أن حديث أبي هريرة قضيّة واحدة، ولكن اختَلَف رواتها، فمنهم من تردّد في تعيين الصلاة، هل هي الظهر، أو العصر؟ ومنهم من جزم بإحداهما، والعلم عند اللَّه عزَّ وجلَّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015