بكر بن سليمان بن أبي حثمة، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عمن يَقْتَنعان بحديثه: أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . فذكره.
فهذه الروايات كلها تدلّ على اضطراب عظيم من الزهريّ في هذا الحديث، وعلى أنه لم يتقن حفظه.
قال ابن عبد البرّ: لا أعلم أحدًا من أهل العلم بالحديث المصنفين فيه عوّل على حديث ابن شهاب في قصة ذي اليدين، وكلهم تركه؛ لاضطرابه فيه، وأنه لم يُقِم إسنادًا ولا متنًا، والغلط لا يَسْلَم منه أحد، والكمال ليس لمخلوق، وكلّ أحد يؤخذ من قوله، ويترك، إلا قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فليس قول ابن شهاب أنه المقتول يوم بدر بحجة؛ لأنه قد تبيّن غلطه في ذلك.
قال العلائيّ: وأخرج ابن خزيمة في "صحيحه" عن محمد بن يحيى الذُّهْليّ، حدثنا أبو سعيد الجُعْفي، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، حدثني سعيد بن المسيب، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو بكر بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، قال: صلّى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الظهر، أو العصر، فذكر الحديث.
وكذلك رواه البيهقي عن الحاكم أبي عبد اللَّه، عن الحسن بن سفيان، عن حرملة، عن ابن وهب.
فكيف يمكن الجمع بين قول الزهريّ: إن هذه القصة كانت قبل بدر، وإن ذا الشمالين الذي أذْكَرَ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسهو قُتل يوم بدر، وبين حضور أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- لها، كما ذكره هو في هذه الرواية، وإنما كان إسلام أبي هريرة بعد بدر بخمس سنين، أو نحوها؟ ! ! .
فإن قيل: لم ينفرد الزهريّ بتسميته ذا الشمالين، بل قد رواه غيره.
أخرج عبد الرزاق في "جامعه" عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، قال: صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الظهر، أو العصر، فسلّم في ركعتين، ثم انصرف، وخرج سَرَعان الناس، فقالوا: خُففت الصلاة، فقال ذو الشمالين: يا رسول اللَّه أخففت الصلاة، أم نسيت؟ وذكر بقيته.
ورواه أحمد بن حنبل في "المسند" عن عبد الرزاق هكذا.
وأخرج النسائي في "سننه" من حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي