ويَحْتمل أن يكون بتقدير همزة الاستفهام، وهو رواية النسائيّ، ولفظه: "فقالوا: أقُصِرت الصلاةُ".
وقول النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- قوله: "قصرت الصلاة" بضم القاف وكسر الصاد، على البناء للمفعول، أي إن اللَّه قَصَرَها ورُوي بفتح القاف وضم الصاد، على بناء الفاعل، وكلاهما صحيح، ولكن الأول أشهر وأصحّ. انتهى.
وقال الحافظ العلائي -رَحِمَهُ اللَّهُ- وقوله: "أقصرت الصلاة" فيه روايتان، إحداهما بضم القاف، وكسر الصاد على البناء لما لم يسم فاعله.
والثانية: بفتح القاف، وضم الصاد، والفعل لازم ومتعدّ، فاللازم مضموم الصاد التي هي عين الكلمة؛ لأنه من الأمور الخَلْقيّة، كحَسُنَ وقَبُحَ، والمتعدي بفتح الصاد، ومنه قَصَرَ الصلاةَ وقَصَّرَها، وأقصرها على السواء. حكاه الأزهري.
ولا يقال: إن "قَصَرَ" إذا كان مخففًا لا يتعدّى إلا بحرف الجرّ، كقوله تعالى: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101]؛ لأنا نقول: تعدّيه بنفسه ثابتٌ ومنقولٌ، حكاه أيضا الجوهري وغيره.
وأما "من" في الآية فزائدة عند الأخفش، وصفة لمحذوف عند سيبويه، تقديره: "شيئًا من الصلاة". انتهى بتصرف.
وفيه دليلٌ على وَرَعِهم، إذ لم يجزموا بوقوع شيء بغير علم، وهابوا النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يسألوه، وإنما استفهموا؛ لأن الزمان زمان النسخ.
(فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ) وفي رواية أبي سلمة الآتية: "فقام رجلٌ من بني سُليم"، وفي حديث عمران -رضي اللَّه عنه- الآتي: "فقام إليه رجل يقال له: الْخِرْباق، وكان في يديه طُولٌ"، وفي رواية: "فقام رجلٌ بَسِيط اليدين"، هذا كله رجلٌ واحدٌ، اسمه الْخِرباق بن عمرو، بكسر الخاء المعجمة والباء الموحدة.
وفي رواية البخاريّ: "وفي القوم رجل في يديه طولٌ، يقال له: ذو اليدين".
والمعنى: أنه كان مع القوم رجل موصوفٌ بطول اليدين، وهو محمول على الحقيقة، ويَحْتَمل أن يكون كناية عن طولهما بالعمل، أو بالبذل، قاله القرطبي، وجزم ابن قتيبة بأنه كان يعمل بيديه جميعًا. وحُكي عن بعض شُرّاح