قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما أجمل كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وأحسنه، وأصدقه، فكلّ قول خالف النصّ يُلْغَى، وإن كان مذهب جلّ الناس، وهكذا ينبغي للمقلّد إذا خالف مذهبه النصوص أن يقول مثل هذا القول، فإن اللَّه تعالى ضمن الهدى والفلاح في اتّباع النصوص، لا في اتّباع آراء الناس، قال اللَّه تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}، وقال: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157]، وقال: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158]، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:
[1291] (573) - (حَدَّثَنِي (?) عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِحْدَى صَلَاتَي الْعَشِيِّ، إِمَّا الظُّهْرَ، وَإِمَّا الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَى جِذْعًا فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَاسْتَنَدَ إِلَيْهَا مُغْضَبًا، وَفي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَهَابَا (?) أَنْ يَتَكَلَّمَا، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ، قُصِرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ: "مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ "، قَالُوا: صَدَقَ، لَمْ تُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَسَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ، قَالَ: وَأُخْبِرْتُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّهُ قَالَ: وَسَلَّمَ).
رجال هذا الإسناد: ستّة:
1 - (عَمْرٌو النَّاقِدُ) هو: عمرو بن محمد بن بُكير، تقدّم في الباب.
2 - (زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ) تقدّم في الباب أيضًا.