أمر بسجدتي السهو بدلها، وكذا قوله بعدم وجوب السلام قول باطل مناف لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وتحليلها السلام"، وكذا قوله ببطلان الصلاة إن لم يجلس للتشهد في الرابعة قول باطلٌ؛ لأن الظاهر أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قام للخامسة دون أن يتشهّد، فقد عرفت كون هذه الأقوال كلها آراء معارضةً للنصوص، فتكون ساقطة، فتبصّر.

قال: ثم مذهب الشافعيّ، ومن وافقه أن الزيادة على وجه السهو لا تُبطل الصلاة، سواءٌ قَلَّت أو كَثُرت، إذا كانت من جنس الصلاة، فسواء زاد ركوعًا، أو سجودًا، أو ركعةً، أو ركعات كثيرة، ساهيًا، فصلاته صحيحة في كل ذلك، ويسجد للسهو استحبابًا لا إيجابًا.

وأما مالك فقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: مذهبه أنه إن زاد دون نصف الصلاة لم تبطل صلاته، بل هي صحيحة، ويسجد للسهو، وإن زاد النصف فأكثر فمن أصحابه من أبطلها، وهو قول مُطَرِّف، وابن القاسم، ومنهم من قال: إن زاد ركعتين بطلت، وإن زاد ركعة فلا، وهو قول عبد الملك وغيره، ومنهم من قال: لا تبطل مطلقًا، وهو مرويّ عن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا القول الأخير، وهو عدم بطلانها مطلقًا، هو الظاهر؛ لإطلاق قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا زاد الرجل أو نقص، فليسجُد سجدتين"، وبقيّة الأقوال ليس عليها أثارة من أدلّة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

والحديث متّفق عليه، وقد مضى شرحه مستوفًى، وكذا بيان مسائله في هذا الباب، فلا حاجة إلى إعادة ذلك، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[1286] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ خَمْسًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015