حصلت له الدراية، وأمر الشاكّ بالبناء على ما استيقن، كما في حديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه-، ومن بلغ به تحرّيه إلى اليقين قد بَنَى على ما استيقن.
وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الأحاديث المذكورة، وأن التحرّي المذكور مقدّم على البناء على الأقلّ، وقد أوقع الناس ظنُّ التعارض بين هذه الأحاديث في مضايق، ليس عليها أثارة من علم، كالفرق بين المبتدأ والمُبتلَى، والركن والركعة. انتهى كلام الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذا الذي قاله الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- تحقيقٌ حسن جدًّا.
وخلاصته: أن من شكّ في صلاته لا يخلو إما أن يكون له تحرٍّ وميل إلى أحد العددين، فيبني على العدد الذي مال إليه قلبه، ويسجد سجدتي السهو بعد السلام، على ما في حديث عبد اللَّه بن مسعود الآتي، وإما أن لا يكون له ميل إلى أحد العددين، فيبني على اليقين، وهو الأقلّ، ويسجد سجدتي السهو قبل السلام، على حديث أبي سعيد هذا، وابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.
والحاصل أن المذهب الراجح هو الذي فصّل الشكّ على التفصيل المذكور، فإنه يَجمَعُ بين أحاديث الباب من غير تعرّض لإهمال بعضها، وما عداه من الأقوال إما أن يلزم منه حمل بعض الأخبار على بعضها بتكلُّف وتعسُّف، وإما أن يكون رأيًا محضًا لا مُستَنَدَ له، ولا أثارة عليه من العلم، فتبصر بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:
[1277] (. . .) - (حَدَّثَنِي (?) أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي، عَبْدُ اللَّهِ (?)، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، بِهَذَا الإِسنَادِ، وَفِي