الظهر أم لا؟ أن أصليها بتمامها حتى أكون على يقين من أدائها، فكذلك إذا شككت في ركعة منها عليّ أن آتي بها حتى أكون على يقين من أدائها.

ومن قال بخبر أبي سعيد، وابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في موضعهما، وبخبر ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- في موضعه قال: علينا إذا ثبتت الأخبار أن نُمْضيها كلَّها، ونستعمل كلَّ خبر في موضعه، وإذا ثبت الخبر ارتفع النظر، ومعنى خبر ابن مسعود غيرُ خبر أبي سعيد، وإذا كان كذلك لم يجز أن يُترك أحدهما؛ لأن الآخر أشبه بالنظر. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- بتصرف.

وقال الإمام ابن حبّان -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قد يتوهَّم من لم يُحكم صناعة الأخبار، ولا تفقّه من صحيح الآثار أن التحرّي في الصلاة، والبناء على اليقين واحدٌ، وليس كذلك؛ لأن التحرّي هو أن يشُكّ المرء في صلاته، فلا يدري ما صلّى، فإذا كان كذلك عليه أن يتحرّى الصواب، ولْيَبْنِ على الأغلب عنده، ويسجد سجدتي السهو بعد السلام على خبر ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-.

والبناء على اليقين هو أن يشكّ المرء في الثنتين والثلاث، أو الثلاث والأربع، فإذا كان كذلك عليه أن يبني على اليقين، وهو الأقلّ، وليُتمّ صلاته، ثم يسجد سجدتي السهو قبل السلام على خبر عبد الرحمن بن عوف، وأبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنهما-، سُنتان غير متضادَّين. انتهى كلام ابن حبّان -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).

وقال العلامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكر نحو ما تقدم من الأقوال وأدلتها ما نصّه:

والذي يلوح لي أنه لا معارضة بين أحاديث البناء على الأقلّ، والبناء على اليقين، وتحرّي الصواب، وذلك لأن التحرّي في اللغة هو طلب ما هو أحرى إلى الصواب، وقد أَمَرَ به -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأَمَرَ بالبناء على اليقين، والبناء على الأقلّ عند عروض الشكّ، فإن أمكن الخروج بالتحرّي عن دائرة الشكّ لغةً، ولا يكون إلا بالاستيقان بأنه قد فعل من الصلاة كذا ركعات، فلا شكّ أنه مقدّم على البناء على الأقلّ؛ لأن الشارع قد شرط في جواز البناء على الأقلّ عدمَ الدراية، كما في حديث عبد الرحمن بن عوف -رضي اللَّه عنه-، وهذا المتحرّي قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015