وقد تقدّم تمام البحث فيه في كتاب "الصلاة" (?). (بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ) أي قلبه، يعني أنه يحول بين المرء، وبين ما يريده من إقباله على صلاته، وإخلاصه فيها.

قال في "العمدة": وبهذا التفسير -يعني تفسير النفس بالقلب- يحصل الجواب عما قيل: كيف يُتَصَوَّر خطوره بين المرء ونفسه، وهما عبارتان عن شيء واحد؟ وقد يجاب بأن يكون تمثيلًا لغاية قربه منه. انتهى (?).

(يَقُولُ: اذْكرْ كَذَا، اذْكرْ كَذَا) هو كناية عن أشياء غير متعلّقة بالصلاة، وكرّره للتأكيد (لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ) أي لشيء لم يكن يتذكّره المصلّي قبل دخوله في الصلاة، وزاد في رواية عبد ربه، عن الأعرج التالية: "فَهَنَّاه، ومَنَّاهُ، وذَكَّره من حاجته ما لم يَذْكُرْ".

(حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى) أي كي يصير الرجل لا يعلم كم صلّى، فـ "حتى" غاية لوسوسة الشيطان، و"يظلّ" بالظاء، من باب تَعِب، أي يصير، و"إن" بكسر الهمزة نافية، و"يدري" بمعنى يعلم، أي إنه يوسوس للرجل حتى يصير لا يعلم كم صلّى من الركعات، أثلاثًا، أم أربعًا؟ .

(فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ) فيه أنه لا زيادة على السجدتين، وإن سها عن أمور متعدّدة.

(وَهُوَ جَالِسٌ") أي حال كونه جالسًا.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّمت مسائله قريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[1272] (. . .) - (حَدَّثَنِي (?) حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلي اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ، وَلَّى وَلَهُ ضُرَاطٌ"، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ: "فَهَنَّاهُ، وَمَنَّاهُ، وَذَكَرَهُ مِنْ حَاجَاتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ").

طور بواسطة نورين ميديا © 2015