ولا يَحْمِل شيئًا منها على الحقيقة، ويزعمون أن من أقرّ بها مُشَبِّه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود.

والحقُّ فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب اللَّه تعالى، وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهم أئمة الجماعة، والحمد للَّه.

رَوَى حرملة بن يحيى، قال: سمعت عبد اللَّه بن وهب يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: مَن وَصَفَ شيئًا من ذات اللَّه مثل قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} الآية [المائدة: 64]، وأشار بيده إلى عنقه، ومثل قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، فأشار إلى عينيه أو أذنه، أو شيئًا من بدنه قُطِع ذلك منه؛ لأنه شَبَّهَ اللَّه بنفسه.

ثم قال مالك: أما سمعت قول البراء -رضي اللَّه عنه- حين حَدَّث أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يُضَحَّى بأربع من الضحايا. . . "، وأشار البراء بيده، كما أشار النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بيده، قال البراء: ويدي أقصر من يد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكَرِه البراء أن يصف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إجلالًا له، وهو مخلوق، فكيف الخالق الذي ليس كمثله شيء.

ثم أخرج عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يزال الناس يتسائلون، حتى يقولوا: هذا خَلَقَ اللَّهُ الخلقَ، فمن خلق اللَّه؟ فمن وجد من ذلك شيئًا، فليقل: آمنت باللَّه"، متّفقٌ عليه.

وفي رواية: "قال: فإذا قالوا ذلك، فقولوا: اللَّه أحد، اللَّه الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، ثم ليتفُل عن يساره ثلاثًا، ويستعيذ باللَّه من الشيطان الرجيم"، رواه أحمد، وأبو داود بسند حسن.

قال: ورُوي عن محمد ابن الحنفية أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى تكون خصومة الناس في ربهم"، وقد رُوي ذلك مرفوعًا عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقال سَحْنُون: من العلم باللَّه الجهلُ بما لم يُخْبِر به عن نفسه.

قال: وهذا الكلام أخذه سحنون عن ابن الماجشون، قال: أخبرني الثقة، عن الثقة، عن الحسن بن أبي الحسن، قال: لقد تكلم مُطَرِّف بن عبد اللَّه بن الشِّخِّير على هذه الأعواد بكلام ما قيل قبله، ولا يقال بعده، قالوا: وما هو يا أبا سعيد؟ قال: قال: الحمد للَّه الذي من الإيمان به الجهل بغير ما وَصَفَ من نفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015