فقد ردّ عليه بما حاصله: قول مجاهد هذا مردود بالسنّة الثابتة عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأقاويل الصحابة، وجمهور السلف، وهو عند أهل السنّة مهجور، والذي عليه جماعتهم ما ثبت في ذلك عن نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس من العلماء أحد إلا ويؤخذ من قوله ويُترك إلا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ومجاهد وإن كان أحد المقدّمين في العلم بتأويل القرآن، فإن له قولين في تأويل آيتين، هما مهجوران عند العلماء، مرغوب عنهما.

أحدهما هذا، والآخر في قول اللَّه -عزَّ وجلَّ-: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قال: يوسّع له على العرش، فيُجلسه عليه، وهذا قولٌ مخالف للجماعة من الصحابة، ومن بعدهم، فالذي عليه العلماء في تأويل هذه الآية أن المقام المحمود: الشفاعة. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: فنحن نقول هنا فيما نُقِل عن مالك -إن صحّ عنه-: إنه مردود بالسنّة الصحيحة، وبما ثبت عن السلف في هذا الباب.

قال الإمام الترمذيّ في "جامعه" في شرح حديث قبول الصدق (?) ما نصّه: وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث، وما يشبه هذا من الروايات، من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى كلَّ ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: قد تثبت الروايات في هذا، ويُؤْمَنُ بها، ولا يُتَوَهَّمُ، ولا يقال: كيف، هكذا رُوِي عن مالك، وسفيان بن عيينة، وعبد اللَّه بن المبارك، أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أَمِرُّوها بلا كيف، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة.

وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه، وقد ذَكَر اللَّه -عزَّ وجلَّ- في غير موضع من كتابه اليد، والسمع، والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات، ففسّروها على غير ما فَسَّر أهل العلم، وقالوا: إن اللَّه لم يخلق آدم بيده، وقالوا: إن معنى اليد ها هنا القوّة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015