وهو بمكة، فقال ابن عباس وغيره: كان يصلي إلى بيت المقدس، لكنه لا يستدبر الكعبة، بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس.
وأطلق آخرون أنه كان يصلي إلى بيت المقدس.
وقال آخرون: كان يصلي إلى الكعبة، فلما تحوّل إلى المدينة استقبَلَ بيت المقدس، قال في "الفتح": وهذا ضعيف؛ لأنه يلزم منه دعوى النسخ مرتين، والأول أصحّ؛ لأنه يجمع بين القولين، وقد صححه الحاكم وغيره، من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- (?).
2 - (ومنها): بيان صحّة نسخ الأحكام، وهو جائز عقلًا، وواقع شرعًا، وهذا مجمع عليه عند المسلمين، خلافًا لليهود -لعنهم اللَّه- فعند بعضهم باطل نقلًا، وهو ما جاء في التوراة: تمسكوا بالسبت ما دامت السموات والأرض، فادَّعَوا نقله تواترًا، ويدّعون النقل عن موسى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أنه قال: لا نسخ لشريعته، وعند بعضهم باطلٌ عقلًا، وكلّ ذلك من اختلاقاتهم، وافتراءاتهم على اللَّه تعالى، وعلى أنبيائهم، كما أخبرنا اللَّه تعالى بذلك.
3 - (ومنها): جواز نسخ السنة بالقرآن، وهو جائز عند الجمهور، وللشافعي فيه قولان، قال في إحدى قوليه: لا يجوز كما لا يجوز عنده نسخ القرآن بالسنة قولًا واحدًا.
وقال عياض: أجازه الأكثر عقلًا وسمعًا، ومنعه بعضهم عقلًا، وأجازه بعضهم عقلًا، ومنعه سمعًا.
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: نسخ السنّة بالقرآن أجازه الجمهور، ومنعه الشافعيّ، وهذه الأحاديث حجةٌ عليه، وكذلك قوله تعالى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] نَسخ لما قرّره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من العهد والصلح على ردّ كلّ من أسلم من الرجال والنساء من أهل مكة، وغير ذلك. انتهى (?).
وقال في "العمدة": استدل المجيزون بأن التوجه نحو بيت المقدس لم يكن ثابتًا بالكتاب، وقد نُسِخ بقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144 و 150].