الأزهريّ في توجيهه نظرٌ؛ لأنهم قالوا: سَتِهَ سَتَهًا، من باب تَعِبَ: إِذا كَبِرَت عَجِيزته، ثم سُمّي بالمصدر، ودخله النقص بعد ثُبُوت الاسم، ودعوى السكون لا يشهد له أصلٌ، وقد نَسَبُوا إليه، سَتَهِيٌّ بالتحريك، وقالوا في الجمع: أَسْتَاهٌ، والتصغير والتكسير يرُدّان الأسماء إلى أصولها، انتهى (?).
[تنبيه]: "است" أحد الأسماء العشرة التي بُدأت بهمزة الوصل، وأصل هذه القاعدة أن همزة الوصل إنما تأتي في الفعل الماضي إذا كان أكثر من أربعة أحرف، نحو انطلق، واستخرج، وكذا الأمرُ منه، نحو انطَلِقْ، واسْتَخْرِجْ، والمصدر، نحو انطلاقٍ، واستخراج، وكذا أمرُ الثلاثيّ، نحو اخشَ، وامض، وانفُذ، ولم يُحْفَظْ عن العرب همزة الوصل في الأسماء التي ليست مصادر لفعل زائد على أربعة، إلَّا في عشرة أسماء: اسم، واست، وابن، وابنم، واثنين، وامريّ، وامرأة، وابنة، واثنتين، وايمن في القسم، وكذا لَمْ تُحفَظ همزة الوصل في الحروف إلَّا في "أل"، وإلى ما ذُكر أشار ابن مالك في "الخلاصة" بقوله:
لِلْوَصْلِ هَمْزٌ سَابِقٌ لَا يَثْبُتُ ... إِلا إِذَا ابْتُدِي بِهِ كَاسْتَثْبِتُوا
وَهْوَ لِفِعْلٍ مَاضٍ احْتَوَى عَلَى ... أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ نَحْوُ انْجَلَى
وَالأَمْرِ وَالْمَصْدَرِ مِنْهُ وَكَذَا ... أَمْرُ الثُّلَاثِي كَاخْشَ وَامْضِ وَانْفُذَا
وَفِي اسْمٍ اسْتٍ ابْنٍ ابْنِمٍ سُمِعَ ... وَاثْنَيْنِ وَامْرِئٍ وَتَأَنِيثٍ تَبِعْ
وَايْمُنُ هَمْزُ "أَلْ" كَذَا وَيُبْدَلُ ... مَدًّا فِي الاسْتِفْهَامِ أَوْ يُسَهَّلُ
[تنبيه آخر]: قال النوويّ رحمه الله تعالى: قوله: "لاستي" المستحب في مثل هذا الكناية عن قبيح الأسماء، واستعمال المجاز، والألفاظ التي تُحَصِّل الغرض، ولا يكون في حورتها ما يُستحيا من التصريح بحقيقة لفظه، وبهذا الأدب جاء القرآن العزيز، والسنن، كقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187]، وقوله: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 21]، وقوله: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237]، وقوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43]، وقوله: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222].