(فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُ عُمَرُ) بن الخطّاب - رضي الله عنه - بنصب "أَوَّلَ" على أنه خبر "كان"، مقدَّمًا، ورفع "عمرُ" على أنه اسمها، ويجوز العكس، و"من" موصولة، والعائد محذوفٌ؛ لكونه فضلة، كما قال في "الخلاصة":
........................... ... وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ مُنْجَلِي
فِي عَائِدٍ مُتَّصِلٍ إِنِ انْتَصَبْ ... بِفِعْلٍ أَوْ وَصْفٍ كَـ "مَنْ نَرْجُو يَهَبْ"
وقال أيضًا:
وَحَذْفَ فَضلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ ... كَحَذْفِ مَا سِيقَ جَوَابًا أَوْ حُصِرْ
(فَقَالَ) أي عمر - رضي الله عنه - (مَا) استفهاميّةٌ (هَاتَانِ النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ فَقُلْتُ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) هكذا وقع في بعض النسخ، ووقع في "شرح النوويّ" بلفظ: "فقلت: هاتين نعلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثني بهما"، قال النوويّ رحمه الله تعالى: هكذا هو في جميع الأصول: "فقلت: هاتين نعلا" بنصب "هاتين"، ورفع "نعلا"، وهو صحيح، معناه: فقلت: يعني هاتين هما نعلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنصب "هاتين" بإضمار "يعني" (?)، وحذف "هما" التي هي المبتدأ؛ للعلم به.
قال الجامع عفا الله تعالى: الظاهر أن النوويّ رحمه الله تعالى لَمْ يقع عنده إلَّا بنصب "هاتين"، كما يفيده قوله: "هكذا هو في جميع الأصول"، ولكن بعض النسخ التي بين يديّ وقع فيها "هاتان" بالرفع، وهو الذي وقع في مختصر القرطبيّ، ولم يذكر في شرحه شيئًا، مع أنه يعلّق في مثل هذا، وكذا لَمْ يذكر القاضي عياض في "الإكمال" شيئًا، مع أنه كثير التنبيه على مثل هذا، ولا ابنُ الصلاح في "صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط، وحمايته من الإسقاط والسقط"، مع أن مثل هذا التنبيه موضوع كتابه.
والحاصل أنه لَمْ تتّفق النسخ كلّها على ما قاله النوويّ، بل وقع في بعضها رفع "هاتان"، وهو واضح، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: وقع في "مستخرج أبي نعيم" (1/ 124، 141) "هاتين نعلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " بنصب الاثنين، فإن صحّت النسخة، فيؤّل على أن الأول