والمعاطف، والمشاقِّ، وهو يستلذّ ذلك كله، ويستطيبه، ويراه لو ظهر سلطان المحبة في قلبه أطيب من نِعَم المتحلية وتَرَفِهم ولذّاتهم، كما قال [من الطويل]:

وَلَيْسَ مُحِبًّا مَنْ يَعُدُّ شَقَاءَهُ ... عَذَابًا إِذَا مَا كَانَ يَرْضَى حَبيبُهُ

قال الإمام ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا كلُّه سر إضافته إليه -عزَّ وجلَّ- بقوله: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} الآية [الحج: 26]، فاقتضت هذه الإضافة الخاصّة من هذا الإجلال والتعظيم والمحبة ما اقتضته، كما اقتضت إضافته لعبده ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى نفسه ما اقتضته من ذلك، وكذلك إضافته عباده المؤمنين إليه كَسَتهم من الجلال والمحبة والوقار ما كستهم، فكلُّ ما أضافه الرب تعالى إلى نفسه، فله من المزية والاختصاص على غيره ما أوجب له الاصطفاء والاجتباء، ثم يكسوه بهذه الإضافة تفضيلًا آخر، وتخصيصًا وجلالةً زائدًا على ما كان له قبل الإضافة. انتهى المقصود من كلام ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فإن أردت الزيادة من الفائدة، فارجع إلى كتابه النافع "زاد المعاد" تر كلامًا يسرّ الفواد (?)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

(المسألة الرابعة): في بيان فائدة مهمة، تتعلّق بإعراب أَسْماء الشرط والاستفهام:

(اعلم): أن أسماء الشرط والاستفهام إذا وقعت على زمان، أو مكان، فهي في محلّ نصب على الظرفيّة لفعل الشرط، إن كان تامًّا، نحو قوله [من الطويل]:

مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نَارِهِ ... تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عِنْدَهَا خَيْرُ مُوقِدِ

وقوله [من البسيط]:

أَيَّانَ نُؤْمِنْكَ تَأْمَنْ غَيْرَنَا وَإِذَا ... لَمْ تُدْرِكِ الأَمْنَ مِنَّا لَمْ تَزَلْ حَذِرَا

وقوله [من الخفيف]:

حَيْثُمَا تَسْتَقِم يُقَدِّرْ لَكَ اللَّهُ ... نَجَاحًا فِي غَابرِ الأَزْمَانِ

وظرفًا لخبره إن كان ناقصًا، كـ {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} الآية [النساء: 78]، فـ "أينما" ظرف متعلّق بمحذوف خبر {تَكُونُوا} الذي هو فعل الشرط،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015