أَعِدْ ذِكْرَ نُعْمَانٍ لَنَا إنَّ ذِكْرَهُ ... هُوَ الْمِسْكُ مَا كَرَّرْتَهُ يَتَضَوَّعُ

(حَتَّى أَتَيْتُ) غاية لمقدّر، أي فاستمرّ بي الذهاب إلى أن أتيتُ (حَائِطًا) أي بستانًا، وجمعه: حوائط، وسُمّي بذلك؛ لأنه حائطٌ لا سقف له (للأنصَارِ) بفتح الهمزة، وهو في الأصل جمع نَصِير، بمعنى الناصر، كشَرِيف وأشراف، لُقِّبَ به أنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأوس والخزرج، غَلَبت عليهم الصفة، فجرى مجرى الأسماء، كأنه اسم الحيّ، ولذا نُسب إليه على لفظ الجمع، من غير ردّه إلى مفرده، فقال: أنصاريّ (?)، وهذا معنى قول ابن مالك رحمه الله تعالى في "الخلاصة":

وَالْوَاحِدَ اذْكُرْ نَاسِبًا لِلْجَمْعِ ... إِنْ لَمْ يُشَابِهْ وَاحِدًا بِالْوَضْعِ

وقوله: (لِبَنِي النَّجَّارِ) - بفتح النون، وتشديد الجيم - بدل من الجارّ والمجرور قبله، وبنو النّجّار: بطن من الخزرج، يُنسبون إلى النجّار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، وإنما قيل له: النّجّار؛ لأنه اختَتَن بِقَدُوم، وقيل: ضَرَبَ رجلًا بقدُوم، فسُمّي نجّارًا، وهم أخوال عبد المطّلب بن هاشم جدّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو تيم بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، قاله ابن السمعانيّ (?).

(فَدُرْتُ) بضمّ الدال: يقال: دار حولَ البيت يدورُ دَوْرُ ودَوَرَانًا: إذا طاف به (?) (بِهِ) أي بذلك الحائط (هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا) أي للدخول إلى داخله حتى يبحث عنه - صلى الله عليه وسلم - (فَلَمْ أَجِدْ، فَإِذَا رَبِيعٌ) "إذا" هي الْفُجَائيّة، أي ففاجأني وجود ربيع - بفتح، فكسر -: النهر الصغير (يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ) أي بستان (مِنْ بِئْرٍ) متعلّق بحال من "ربيع" لكونه موصوفًا بالجملة، أي حال من ذلك الرَّبِيع جاريًا من بئر (خَارِجَةٍ) صفة لـ "بئر"، أي إن تلك البئر ليست من داخل البستان، وإنما هي من خارجه، ثم أدرج عن بعض الرواة، ولم أعرفه، تفسير الربيع، فقال: (وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ)، قال النوويّ رحمه الله تعالى:

(أما "الرَّبِيع" - فبفتح الراء - على لفظ الرَّبِيع الفصلِ المعروف، و"الْجَدْول - بفتح الجيم -، وهو النهر الصغير، وجمع الربيع: أَرْبِعَاء، كنَبِيِّ وأنبياء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015