لكن ذكر شمس الأئمة السرخسيّ الحنفيّ في كتابه "المبسوط" أن السائل ثوبان. انتهى (?). (سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ ) أي عن حكم الصلاة في الثوب الواحد، وفي رواية ابن سيرين، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتية: "نادى رجل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: أيُصلي أحدنا في ثوب واحد؟ فقال: أوَكلّكم يجد ثوبين؟ "، وفي رواية أبي داود: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئل عن الصلاة في ثوب واحد؟ " (فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- " (أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟ ") الواو عاطفة على محذوف، والاستفهام إنكاريّ بمعنى النفي، والتقدير: أأنتم قادرون، ولكلّ منكم ثوبان؟ ، أي لستم قادرين، وليس لكلّ منكم ثوبان، فهو -صلى اللَّه عليه وسلم- يشير إلى جواز الصلاة في الثوب الواحد، فكأنه قال: يكفي أحدكم في الصلاة الثوبُ الواحدُ؛ لأن الثوبين لا يقدر عليهما كلّ أحد.
وقال الخطّابيّ في "معالمه": لفظه لفظ الاستفهام، ومعناه الإخبار ما كان يَعلَمُهُ من حالهم في العُدْم، وضِيق الثياب، يقول: وإذا كنتم بهذه الصفة، وليس لكلّ واحد منكم ثوبان -والصلاة واجبة عليكم- فاعلموا أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة.
وقال في "شرح البخاري": وفي ضمنه الفتوى من طريق الفحوى، ثم استقصار فهمهم، واستزادة علمهم، كأنه قال: إذا كان ستر العورة واجبًا، والصلاة لازمة، وليس لكلّ واحد منكم ثوبان، فكيف لم تعلموا أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة؟ . انتهى (?).
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى الحديث: أن الثوبين لا يقدر عليهما كلّ أحد، فلو وجبا لعجز من لا يقدر عليهما عن الصلاة، وفي ذلك حرجٌ، وقد قال اللَّه تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} الآية [الحج: 78].
وقال الطحاويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: لو كانت الصلاة مكروهة في الثوب الواحد لكرهت لمن لا يجد إلا ثوبًا واحدًا؛ لأن حكم الصلاة في الثوب الواحد لمن يجد ثوبين كهو في الصلاة لمن لا يجد غيره. انتهى.