وجملة "يحني" في محلّ نصب حال من "أحدًا"؛ لأن رأى هنا بصريّة، لا علميّة، فتتعدّى لمفعول واحد، وهو "أحدًا".
[فإن قلت]: صاحب الحال لا يكون غالبًا إلا معرفة، فكيف جاء الحال من "أحدًا"، وهو نكرة؟ .
[قلت]: جاز ذلك؛ لوقوعه بعد النفي، كما قال في "الخلاصة":
وَلَمْ يُنَكَّرْ غَالِبًا ذُو الْحَالِ إِنْ ... لَمْ يَتَأَخَّرْ أَوْ يُخَصَّصْ أَوْ يَبِنْ
مِنْ بَعْدِ نَفْيٍ أَوْ مُضَاهِيهِ كَـ "لَا ... يَبْغِ امْرُؤٌ عَلَى امْرِئٍ مُسْتَسْهِلَا"
(حَتَّى يَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَبْهَتَهُ) قال الفيّوميّ: الْجَبْهة من الإنسان تُجمَعُ على جباه، مثلُ كلْبَة وكِلابٍ، قال الخليل: هي مُسْتَوَى ما بين الحاجبين إلى الناصية، وقال الأصمعيّ: هي موضع السجود. انتهى (?). (عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَخُرُّ) من بابي ضرب، ونصر، قال في "القاموس": الْخَرُّ: السقوط، كالْخُرور، أو من عُلْوٍ إلى سُفْل، يَخِرُّ -أي بكسر الخاء- وَيخُرُّ -أي بضمها- انتهى (?)، ولم يذكر في "المصباح" إلا الكسر فقط (مَنْ وَرَاءَهُ) "من" بفتح الميم موصولة في محلّ رفع فاعلُ "يخرّ"، والظرف صلتها، وقوله: (سُجَّدًا) حال من "مَن وراءه"، وهو: جمع ساجد، كما قال في "الخلاصة":
وَفُعَّلٌ لِفَاعِلٍ وَفَاعِلَهْ ... وَصْفَيْنِ نَحْوُ عَاذِلٍ وَعَاذِلَهْ
واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث البراء -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [40/ 6701 و 1068 و 1069 و 1070] (474)، و (البخاريّ) في "الأذان" (690 و 747 و 811)، و (أبو داود) في "الصلاة" (620 و 621 و 622)، و (الترمذيّ) فيها (281)، و (النسائيّ) فيها (2/ 96)،