[فإن قلت]: ما ذكرت يستدعي أن لا يدخل أحدٌ النار من العصاة.

[قلت]: اللازم منه عموم العفو، وهو لا يستلزم عدم دخول النار؛ لجواز أن يعفو عن بعضهم بعد الدخول، وقبل استيفاء العذاب، وليس بحتم عندنا أن يدخل النار أحدٌ، بل العفو عن الجميع بموجب وعده حيث قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48 - 116]، وقال: {يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] مرجُوٌّ.

قال الطيبي: أقول: إن التعريف في "العمل" (?) للعهد، والإشارة به إلى الكبائر، والدليل عليه قوله: "وإن زنى وإن سرق" في حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه - الآتي، وقوله: "على ما كان عليه" حال كما في قول الحماسيّ [من الطويل]:

فَوَاللَّهِ لَا أَنْسَى قَتِيلًا رُزِئْتُهُ ... بِجَانِبِ قَوْسِي مَا مَشَيْتُ عَلَى الأَرْضِ

عَلَى أَنَّهَا تَعْفُو الْكُلُومُ وَإِنَّمَا ... يُوَكَّلُ بِالأَدْنَى وَإِنْ جَلَّ مَا يَمْضِي

قال أبو البقاء: "على" وما يتّصل بها حال، أي ما أنسى بهذا الرَّزْء في حال الكلوم، أي حالي مُخالف لحال غيري في استدامة الحُزْن، فالمعنى من يشهد أن لا إله إلَّا الله يدخل الجنّة في حال استحقاقه العذاب بموجب أعماله من الكبائر، أي حال هذا مخالفة للقياس في دخول الجنّة، فإن القياس يقتضي (?) أن لا يدخل الجَنَّة مَنْ شأنه هذا، كما زعمت المعتزلة، وإلى هذا المعنى ذهب أبو ذرّ - رضي الله عنه - في قوله: "وإن زنى وإن سرق"، وردّ بقوله: "وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذرّ". انتهى كلام الطيبيّ (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبسندنا المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله تعالى المذكور أول الكتاب قال:

[149] ( ... ) - (حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015