(133) - حدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا يعلى بن الوليد بن عبد العزيز الْعَنسيّ، ثنا مُبَشِّر بن إسماعيل الْحَلبيّ، عن الأوزاعيّ، عن عُمير بن هانيء، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شَهِدَ أن لا إله إلَّا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، أدخله الله الجَنَّة على ما كان من عمل".

وقوله: (أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ، عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ) ولفظ البخاريّ: "من العمل" بالتعريف، قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: أي يدخله الجنّة، ولا بُدّ، سواء كان عمله صالحًا، أو سيّئًا، وذلك بأن يَغفِرَ له السيّءَ بسبب هذه الأقوال، أو يُرْبِيَ ثوابها على ذلك العمل السيّيء، وكلُّ ذلك يحصُلُ - إن شاء الله - لمن مات على تلك الأقوال، إما مع السلامة المطلقة، وإما بعد المؤاخذة بالكبائر على ما قرّرناه آنفًا. انتهى (?).

وقال في "الفتح": معنى قوله: "على ما كان عليه من العمل": أي من صلاح، أو فساد، لكن أهل التوحيد لا بُدّ لهم من دخول الجَنَّة، ويحتمل أن يكون معنى قوله: "على ما كان من العمل": أي يَدْخُل أهل الجَنَّة الجَنَّة على حسب أعمال كُلٍّ منهم في الدرجات. انتهى وقال القاضي البيضاويّ في قوله: "على ما كان عليه من العمل"، دليلٌ على المعتزلة في مقامين:

[أحدهما]: أن العاصي من أهل القبلة لا يُخَلَّد في النار؛ لعموم قوله: "من قال: أشْهَدُ أن لا إله إلَّا الله إلخ".

[وثانيهما]: أنه تعالى يعفو عن السيّئات قبل التوبة، واستيفاء العقوبة؛ لأن قوله: "على ما كان من عمل" حال من قوله: "أدخله الله الجَنَّة"، كما في قولك: رأيت فلانًا على أكل، أي آكلًا، ولا شكّ أن العمل غير حاصل، بل الحاصل حال إدخاله استحقاق ما يُناسب عمله من الثواب والعقاب، ولا يُتصوّر ذلك في حقّ العاصي الذي مات قبل التوبة إلَّا إذا أُدخل قبل استيفاء العقوبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015