قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: التطويل والتخفيف من الأمور الإضافية، فقد يكون الشيء خفيفًا بالنسبة إلى عادة قوم، طويلًا بالنسبة لعادة آخرين، قال: وقول الفقهاء: لا يزيد الإمام في الركوع والسجود على ثلاث تسبيحات، لا يخالف ما ورد عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يزيد على ذلك؛ لأن رغبة الصحابة في الخير تقتضي أن لا يكون ذلك تطويلًا.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأولى ما أُخِذ حدُّ التخفيف من الحديث الذي أخرجه أبو داود، والنسائيّ، عن عثمان بن أبي العاص -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "أنت إمام قومك، واقدر القوم بأضعفهم"، وإسناده حسنٌ، وأصله في مسلم. انتهى (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: حديث عثمان بن أبي العاص -رضي اللَّه عنه- يأتي في هذا الباب بعد حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

ثم ذكر علّة أمره بالإيجاز والتخفيف، فقال:

(فَإِنَّ) الفاء للتعليل، أي لأن (مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيرَ) بالنصب على أنه اسم "إنّ" مؤخَّرًا، وما بعده عطف عليه.

ومقتضى هذا التعليل أنه متى لم يكن فيهم مُتَّصِف بصفة من المذكورات، لم يضرّ التطويل، لكن فيه أنه يمكن مجيء من يتصف بإحداها.

وقال اليعمريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الأحكام إنما تناط بالغالب، لا بالصورة النادرة، فينبغي للأئمة التخفيف مطلقًا، قال: وهذا كما شُرع القصر في صلاة المسافر، وعُلِّل بالمشقة، وهو مع ذلك يُشْرَع، ولو لم يَشُقّ؛ عملًا بالغالب؛ لأنه لا يُدرَى ما يَطْرأ عليه، وهنا كذلك. انتهى. وهو بحث نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.

(وَالضَّعِيفَ) أي المريض، وفي حديث عثمان بن أبي العاص الآتي: "فإن فيهم الكبيرَ، وإن فيهم المريضَ، وإن فيهم الضعيفَ، وإن فيهم ذا الحاجة"، فيكون المراد بالضعيف هناك الضعيف في خِلْقته، كالنحيف، والسمين.

وزاد في رواية الطبرانيّ في حديث عثمان المذكور: "والحامل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015