وهو حديث ابن عمر رفعه: "لا تُصَلُّوا الصلاة في اليوم مرتين"، ومن وجه آخر مرسل: إن أهل العالية كانوا يصلّون في بيوتهم، ثم يصلّون مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبلغه ذلك، فنهاهم.

قال: ففي الاستدلال بذلك على تقدير صحته نظرٌ؛ لاحتمال أن يكون النهي عن أن يصلّوها مرتين على أنها فريضة، وبذلك جزم البيهقيّ جمعًا بين الحديثين، بل لو قال قائل: هذا النهي منسوخ بحديث معاذ لَمْ يكن بعيدًا.

ولا يقال: القصة قديمة؛ لأن صاحبها استُشْهِد بأحد؛ لأنا نقول: كانت أُحُدٌ في أواخر الثالثة، فلا مانع أن يكون النهي في الأولى، والإذن في الثالثة مثلًا.

وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم- للرجلين اللذين لَمْ يُصَلّيا معه: "إذا صلّيتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصلّيا معهم، فإنها لكما نافلة" (?)، أخرجه أصحاب "السنن" من حديث يزيد بن الأسود العامريّ، وصححه ابن خزيمة وغيره، وكان ذلك في حجة الوداع، في أواخر حياة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ويدلّ على الجواز أيضًا أمره -صلى اللَّه عليه وسلم- لمن أدرك الأئمة الذين يأتون بعده، ويؤخرون الصلاة عن ميقاتها: أن "صَلُّوها في بيوتكم في الوقت، ثم اجعلوها معهم نافلة".

وأما استدلال الطحاويّ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى معاذًا عن ذلك بقوله في حديث سُلَيم بن الحارث: "إما أن تصلّي معي، وإما أن تُخَفِّف بقومك"، ودعواه أن معناه: إما أن تصلّي معي، ولا تصلّي بقومك، وإما أن تخفف بقومك، ولا تصلّي معي، ففيه نظرٌ؛ لأن لمخالفه أن يقول: بل التقدير: إما أن تصلّي معي فقط، إذا لَمْ تُخَفِّف، وإما أن تخفف بقومك، فتصلّي معي، وهو أولى من تقديره؛ لما فيه من مقابلة التخفيف بترك التخفيف؛ لأنه هو المسؤول عنه المتنازع فيه.

وأما تقوية بعضهم بكونه منسوخًا بأن صلاة الخوف وقعت مرارًا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015