قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله الإمام ابن خزيمة: حسنٌ جدًا.
وحاصله أن تُحمَل هذه الأحاديث المختلفة في قراءة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلاة على بيان إباحة كلّها، فيجوز للمصلّي أن يقرأ في حلواته كلّها بعد الفاتحة ما أحبّ من السور طِوَالها، وأوساطها، وقِصَارها، إلَّا أن يكون إمامًا، فيُستحبّ له التخفيف، كما أمر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، لكن يستحبّ له أن يداوم على تطويل ما أطال فيه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، كالصبح، وسيأتي تمام البحث في هذا بعد باب -إن شاء اللَّه تعالى- واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيه]: ادَّعَى الطحاويّ أنه لا دلالة في شيء من الأحاديث الثلاثة على تطويل القراءة؛ لاحتمال أن يكون المراد أنه قرأ بعض السورة، ثم استدلّ لذلك بما رواه من طريق هشيم، عن الزهريّ، في حديث جبير، بلفظ: "فسمعته يقول: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7)} "، قال: فأخبر أن الذي سمعه من هذه السورة في هذه الآية خاصة. انتهى.
قال الحافظ: وليس في السياق ما يقتضي قوله: "خاصّة"، مع كون رواية هشيم، عن الزهريّ بخصوصها مُضَعَّفةً، بل جاء في روايات أخرى ما يدلّ على أنه قرأ السورة كلها، فعند البخاريّ في "التفسير": "سمعته يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)} الآيات إلى قوله: {الْمُصَيْطِرُونَ} كاد قلبي يطير"، ونحوه لقاسم بن أصبغ، وفي رواية أسامة، ومحمد بن عمرو المتقدمتين: "سمعته يقرأ {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)} "، ومثله لابن سعد، وزاد في أخرى: "فاستمعت قراءته، حتى خرجت من المسجد".
ثم ادَّعَى الطحاويّ أن الاحتمال المذكور يأتي في حديث زيد بن ثابت، وكذا أبداه الخطابيّ احتمالًا، وفيه نظرٌ؛ لأنه لو كان قرأ بشيء منها يكون قدر سورة من قصار المفصل لَمَا كان لإنكار زيد معنى.
وقد رَوَى حديث زيد هشامُ بن عروة، عن أبيه، عنه أنه قال لمروان: "إنك لَتُخِفُّ القراءة في الركعتين من المغرب، فواللَّه لقد كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-