لفظه؛ أي يقرأ هذه السورة (فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ) تصغير "ابن" تصغير تلطّف وتعطّف (لَقَدْ) اللام هي الموطّئة للقسم؛ أي واللَّه لقد (ذَكَّرْتَنِي) بتشديد الكاف، فيه حذف المفعول الثاني لـ "ذَكّر" أي قراءة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذكر الكرمانيّ في "شرح البخاريّ" أنه يُروى بتخفيف الكاف.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: وفي ثبوت ما ذكره نظر؛ لأن ذَكَرَ المخفّف لا يناسب هنا، كما لا يخفي، واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: (بِقِرَاءَتِكَ) قال الكرمانيّ: ويُروى: "بقرآنك" (?). (هَذِهِ السُّورَةَ) متعلّق "بقراءتك" على مختار البصريين؛ لقربه، أو بـ "ذكّرتني" على مختار الكوفيين؛ لتقدّمه، وإليه أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "خلاصته" حيث قال:
إِنْ عَامِلَانِ اقْتَضَيَا فِي اسْمٍ عَمَلْ ... قَبْلُ فَلِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا الْعَمَلْ
وَالثَّانِ أَوْلَى عِنْدَ أهْلِ الْبَصْرَهْ ... وَاخْتَارَ عَكْسًا غَيْرُهُمْ ذَا أَسْرَهْ
(إِنَّهَا) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في الابتداء، كما قال في "الخلاصة":
فَاكْسِرْ فِي الابْتِدَا وَفِي بَدْءِ صِلَهْ ... وَحَيْثُ "إِنَّ" لِيَمِينٍ مُكْمِلَهْ
وجملة "إنّ. . . إلخ" مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدَّر، فكأنه قال لها: أيّ شيء ذكّرتك؛ ، فقالت: إنها (لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وفي نسخة: "من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" (يَقْرَأُ بِهَا) أي بسورة {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (?)} [المرسلات: 1]، والجملة في محلّ نصب على الحال، أو مفعول ثان لـ "سمعت" على رأي من يقول: إنها من أخوات "ظنّ" (فِي الْمَغْرِبِ) أي في صلاة المغرب.
وقال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "يقرأ بها" إما حال، وإما استئناف، وعلى الحال يَحْتَمل سماعها منه -صلى اللَّه عليه وسلم- القرآن بعد ذلك، وعلى الاستئناف لا يَحْتَمِل. انتهى (?).
[فإن قلت]: سيأتي في الرواية التالية من طريق صالح بن كيسان، عن الزهريّ أن هذه الصلاة آخر صلوات النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولفظه: "ثم ما صلّى بعدُ حتى قبضه اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-"، وقد ثبت في حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- أن الصلاة التي صلّاها