كما طلب منها أن تحدّثه به (فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ) منصوب على الاستثناء، أي أنّ ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- قال زيادة لتوضيح ما أبهمته من تسمية الرجل الثاني (أَسَمَّتْ لَكَ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاسِ؟ ) قال عبيد اللَّه (قُلْتُ: لَا) أي لم تسمّه لي (قَالَ) ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- (هُوَ عَلِيٌّ) أي ابن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-.
قال في "الفتح": زاد الإسماعيليّ من رواية عبد الرزاق، عن معمر: "ولكن عائشة لا تطيب نفسًا له بخير"، ولابن إسحاق في "المغازي" عن الزهريّ: "ولكنها لا تَقْدِرُ على أن تذكره بخير".
ولم يَقِف الكرماني على هذه الزيادة، فعَبَّر عنها بعبارة شنيعة (?)، وفي هذا رَدّ على من تنطع، فقال: لا يجوز أن يُظَنَّ ذلك بعائشة، ورَدٌّ على مَن زعم أنها أبهمت الثاني؛ لكونه لم يتعين في جميع المسافة؛ إذ كان تارةً يتوكأ على الفضل، وتارةً على أسامة، وتارةً على عليّ، وفي جميع ذلك الرجل الآخر هو العباس، واختصّ بذلك إكرامًا له، وهذا توهُّم ممن قاله، والواقع خلافه؛ لأن ابن عباس في جميع الروايات الصحيحة جازمٌ بأن المبهم عليٌّ، فهو المعتمدُ، واللَّه أعلم.
ودعوى وجود العباس في كل مرّة، والذي يتبدل غيره مردودٌ بدليل رواية عاصم التي تقدمت الإشارة إليها وغيرها صريحٌ في أن العباس لم يكن في مرة، ولا في مرتين منها، واللَّه أعلم. انتهى (?)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه: