وفرّق آخرون بينه وبين الصلاة، فقالوا: السلام يُشرع في حقّ كلّ مؤمن حيّ وميت، وحاضر وغائب، فإنك تقول: بلِّغ فلانًا مني السلام، وهو تحيّة أهل الإسلام، بخلاف الصلاة، فإنها من حقوق النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولهذا يقول المصلّي: "السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين"، ولا يقول: الصلاة علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين، فعُلم الفرق. انتهى (?).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الذي يظهر لي أن السلام مثل الصلاة، فإن كان شعارًا لبعض الناس، كما تقول الشيعة: عليّ عليه السلام فيكره، وإلا فلا، كما تقدّم التفصيل في كلام ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ- في الصلاة.
وقد ذكرت مباحث كثيرةً مفيدةً فيما كتبته على النسائيّ، فارجع إليه تستفد علمًا جَمًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:
[917] (408) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا").
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 - (يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ) الْمَقَابِرِيّ البغداديّ، ثقةٌ عابدٌ [10] (ت 234) (عخ م د عس) تقدم في "الإيمان" 2/ 110.
2 - (قُتَيْبَةُ) بن سعيد تقدّم في الباب الماضي.
3 - (ابْنُ حُجْرٍ) هو: عليّ بن حُجْر بن إياس السَّعْديّ المروزيّ، ثقةٌ حافظٌ، من صغار [9] (ت 244)، وقد قارب المائة (خ م ت س) تقدم في "المقدمة" 2/ 6.
4 - (إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَر) بن أبي كثير الأنصاريّ الزُّرَقيّ، أبو إسحاق المدنيّ القارئ، ثقةٌ ثبتٌ [8] (ت 180) (ع) تقدم في "الإيمان" 2/ 110.