وهذا القول اختاره القرطبيّ في "المفهم"، وأبو المعالي من الحنابلة، وهو اختيار ابن تيمية من المتأخرين.

وقالت طائفة: تجوز تبعًا مطلقًا، ولا تجوز استقلالًا، وهذا قول أبي حنيفة وجماعة.

وقالت طائفة: تكره استقلالًا لا تبعًا، وهي رواية عن أحمد، وقال النوويّ: هو خلاف الأولى.

وقالت طائفة: تجوز مطلقًا، وهو مقتضى صنيع البخاريّ، فإنه صدَّر بالآية، وهي قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}، ثم عقّبه بالحديث الدالّ على الجواز مطلقًا، وعقبه بالحديث الدال على الجواز تبعًا.

فأما الأول، وهو حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى فسيأتي شرحه في "كتاب الزكاة"، برقم (1078) -إن شاء اللَّه تعالى- ووقع مثله عن قيس بن سعد بن عُبَادة أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَفَع يديه، وهو يقول: "اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة"، أخرجه أبو داود، والنسائيّ، وسنده جيِّد.

وفي حديث جابر -رضي اللَّه عنه- أن امرأته قالت للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: صَلِّ عليّ وعلى زوجي، فَفَعَل، أخرجه أحمد مطوَّلًا ومختصرًا، وصححه ابن حبّان.

وهذا القول جاء عن الحسن، ومجاهد، ونصَّ عليه أحمد في رواية أبي داود، وبه قال إسحاق، وأبو ثور، وداود، والطبريّ، واحتجُّوا بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: 43]، وفي "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "إن الملائكة تقول لروح المؤمن: صلى اللَّه عليكِ، وعلى جسدك".

وأجاب المانعون عن ذلك كلِّه بأن ذلك صَدَرَ من اللَّه تعالى، ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولهما أن يخصا من شاءا بما شاءا، وليس ذلك لأحد غيرهما.

وقال البيهقيّ: يُحْمَل قول ابن عباس بالمنع إذا كان على وجه التعظيم، لا ما إذا كان على وجه الدعاء بالرحمة والبركة.

وقد حقّق العلّامة ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ- هذا الموضوع، وناقش الأدلّة، وأجاد وأفاد، ثم قال في آخر البحث:

وفصل الخطاب في هذه المسألة أن الصلاة على غير النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إما أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015