قال: حدّثني محمد بن إبراهيم التيميّ، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، قال: حدَّثني عبد الله بن زيد، فذكر نحو حديث ابن عمر، وفي آخره: فبينما هم على ذلك أُرِيَ عبد الله النداء، فذكر الرؤيا، وفيها صفة الأذان، لكن بغير ترجيع، وفيه تربيع التكبير، وإفراد الإقامة، وتثنية "قد قامت الصلاة"، وفي آخره قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها لرؤيا حقّ إن شاء الله تعالى، فقم مع بلال، فألقها عليه، فإنه أندى صوتًا منك"، وفيه مجيء عمر، وقوله: إنه رأى مثل ذلك.

وقد أخرج الترمذيّ في ترجمة بدء الأذان حديث عبد الله بن زيد، مع حديث عبد الله بن عمر، وإنما لم يخرجه البخاريّ؛ لأنه على غير شرطه، وقد رُوِي عن عبد الله بن زيد من طُرُق، وحَكَى ابن خزيمة عن الذُّهليّ أنه ليس في طُرُقه أصح من هذه الطريق، وشاهده حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، مرسلًا، ومنهم من وصله عن سعيد، عن عبد الله بن زيد، والمرسل أقوى إسنادًا.

ووقع في "الأوسط" للطبراني أن أبا بكر أيضًا رأى الأذان، ووقع في "الوسيط" للغزاليّ أنه رآه بضعة عشر رجلًا، وعبارة الجيلي في "شرح التنبيه" أربعة عشر رجلًا، وأنكره ابن الصلاح، ثم النوويّ، ونقل مغلطاي أن في بعض كتب الفقهاء أنه رآه سبعةٌ، ولا يثبت شيء من ذلك إلا لعبد الله بن زيد، وقصة عمر جاءت في بعض طرقه.

وفي "مسند الحارث بن أبي أسامة" بسند واهٍ قال: "أول من أذّن بالصلاة جبريل في سماء الدنيا، فسمعه عمر وبلال، فسبق عمر بلالًا، فأخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم جاء بلال، فقال له: سبقك بها عمر".

قال الجامع عفا الله عنه: تبيّن بما سبق أن الراجح أن شرع الأذان كان بالمدينة، كما بيّنه حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - المذكور في الباب.

قال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ - بعد ذكر حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا الحديث يدلّ على أن بدء الأذان إنما كان بعد أن هاجر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وأن صلاته بمكّة إنما كانت بغير نداء، ولا إقامة، وكذلك كان يُصلّي أوّل ما قَدِمَ المدينة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015