الصوت، فأيهما يؤخذ؟ فيه وجهان؛ أصحهما يُرْزَق حسن الصوت، وهو قول ابن سريج، والله أعلم. انتهى.

وقال ابن المنذر - رحمه الله - - بعد إخراجه حديث رؤيا عبد الله بن زيد للأذان - ما نصّه: ويدلّ هذا الحديث على أن من كان أرفع صوتًا أحقّ بالأذان؛ لأن النداء إنما جُعل لاجتماع الناس للصلاة، بَيَّنَ ذلك في قوله: "ألقها عليه، فإنه أندى صوتًا منك". انتهى (?).

13 - (ومنها): ما ذكره العلماء أن في حكمة الأذان أربعة أشياء: إظهار شعار الإسلام، وكلمة التوحيد، والإعلام بدخول وقت الصلاة، وبمكانها، والدعاء إلى الجماعة (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم متى شُرع الأذان؟ :

قال الإمام البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه": "باب بَدْء الأذان" وقوله عز وجل: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58)} [المائدة: 58]، وقوله: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9].

فأشار بالآية الأولى إلى أن ابتداء الأذان كان بالمدينة، وقد ذكر بعض أهل التفسير أن اليهود لَمّا سمعوا الأذان قالوا: لقد ابتدعت يا محمد شيئًا لم يكن فيما مضى، فنزلت: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ} الآية.

وأشار بالآية الثانية أيضًا إلى أن الابتداء كان بالمدينة، وذلك لأن ابتداء الجمعة إنما كان بالمدينة.

قال في "الفتح": واختُلِف في السنة التي فُرض فيها، فالراجح أن ذلك كان في السنة الأولى، وقيل: بل كان في السنة الثانية، ورُوي عن ابن عباس أن فرض الأذان نزل مع هذه الآية، أخرجه أبو الشيخ.

قال: وحديث ابن عمر المذكور في هذا الباب ظاهر في أن الأذان إنما شُرع بعد الهجرة، فإنه نُفِيَ النداء بالصلاة قبل ذلك مطلقًا، وقوله في آخره: "يا بلال قم، فناد بالصلاة" كان ذلك قبل رؤيا عبد الله بن زيد، وسياق حديثه يدلّ على ذلك، كما أخرجه ابن خزيمة، وابن حبان من طريق محمد بن إسحاق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015