وقال أهل اللغة في الصلاة: إنها من الصَّلَوَيْن، وهما مكتنفا الذّنَب من الناقة وغيرها، وأوّلُ مَوْصِل الفخذين من الإنسان، فكأنهما في الحقيقة مكتنفا الْعُصْعُص، قال الأزهريّ: والقول عندي هو الأول، إنما الصلاة لزومُ ما فَرَضَ الله تعالى، والصلاة من أعظم الفرض الذي أُمِر بلزومه، والصلاة واحدة الصلوات المفروضة، وهو اسم يُوضَع موضع المصدر، تقول: صَلَّيتُ صلاةً، ولا تقل: تَصْلِيةً، وصَلَّيتُ على النبيّ (?) - صلى الله عليه وسلم -.
قال الجامع عفا الله عنه: لا شكّ في بعد كثير مما سبق في بيان اشتقاق الصلاة، والأقرب هو ما عليه أكثر العلماء، كما سبق في كلام القاضي أنها من صلّى بمعنى: دعا؛ لشهرة ذلك في كلام العرب وأشعارهم؛ فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة): (اعلم): أن الصلاة واجبة بالكتاب، والسنة، والإجماع؛ أما الكتاب، فقول الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة: 5].
وأما السنة فما رَوَى ابن عمر - رضي الله عنهما -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلًا"، مُتَّفَق عليه، وقد تقدّم في "كتاب الإيمان"، مع آي، وأخبار كثيرة أخرى.
وأما الإجماع، فقد أَجمعت الأمة على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في عدد الصلوات المفروضات:
(اعلم): أن الصلوات المكتوبات خمسٌ في اليوم والليلة، ولا خلاف بين المسلمين في وجوبها، ولا يجب غيرها إلا لعارضٍ، من نذر أو غيره، هذا قول أكثر أهل العلم، وقال أبو حنيفة: الوتر واجبٌ؛ لما رُوي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله قد زادكم صلاةً، وهي الوتر"، وهذا يقتضي وجوبه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الوتر حقّ، فمن لم يوتر فليس منا"، رواه أبو داود.