(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في انتقاض الوضوء بالنوم:
قال النوويّ - رحمه الله -: اختَلَفَ العلماء فيها على مذاهب:
[أحدها]: أن النوم لا ينقض الوضوء على أيّ حال كان، وهذا محكيّ عن أبي موسى الأشعريّ، وسعيد بن المسيِّب، وأبي مِجْلَز، وحميد الأعرج، وشعبة.
[والمذهب الثاني]: أن النوم ينقض الوضوء بكل حال، وهو مذهب الحسن البصريّ، والمزنيّ، وأبي عبيد القاسم بن سلّام، وإسحاق بن راهويه، وهو قول غريب للشافعيّ، قال ابن المنذر: وبه أقول، قال: ورُوي معناه عن ابن عباس، وأنس، وأبي هريرة - رضي الله عنهم -.
[والمذهب الثالث]: أن كثير النوم ينقض بكل حال، وقليله لا ينقض بحال، وهذا مذهب الزهريّ، وربيعة، والأوزاعيّ، ومالك، وأحمد في إحدى الروايتين عنه.
[والمذهب الرابع]: أنه إذا نام على هيئة من هيئات المصلين؛ كالراكع، والساجد، والقائم، والقاعد، لا ينتقض وضوؤه، سواءٌ كان في الصلاة أو لم يكن، وإن نام مضطجعًا أو مستلقيًا على قفاه انتقض، وهذا مذهب أبي حنيفة، وداود، وهو قول للشافعيّ غريب.
[والمذهب الخامس]: أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد، رُوي هذا عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.
[والمذهب السادس]: أنه لا ينقض إلا نوم الساجد، وروي أيضًا عن أحمد - رحمه الله -.
[والمذهب السابع]: أنه لا ينقض النوم في الصلاة بكل حال، وينقض خارج الصلاة، وهو قول ضعيف للشافعيّ - رحمه الله -.
[والمذهب الثامن]: أنه إذا نام جالسًا ممكنًا مقعدته من الأرض لم ينتقض، وإلا انتقض، سواء قلّ أو كثر، وسواء كان في الصلاة أو خارجها، وهذا مذهب الشافعيّ، وعنده أن النوم ليس حدثًا في نفسه، وإنما هو دليل