استطعتم"، وأما الإعادة فلأنه عذر نادرٌ، فصار كما لو نَسِي عضوًا من أعضاء طهارته وصلى، فإنه يجب عليه الإعادة.

[والقول الثاني]: لا تجب عليه الصلاة ولكن تُستحب، ويجب القضاء، سواء صلى أم لم يصلّ.

[والثالث]: تحرم عليه الصلاة؛ لكونه محدثًا، وتجب الإعادة.

[والرابع]: تجب الصلاة، ولا تجب الإعادة، وهذا مذهب الْمُزَنيّ، وهو أقوى الأقوال دليلًا، ويعضده هذا الحديث وأشباهه، فإنه لم يُنقَل عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إيجاب إعادة مثل هذه الصلاة، والمختار أن القضاء إنما يجب بأمر جديد، ولم يثبت الأمر فلا يجب، وهكذا يقول المزنيّ في كل صلاة وجبت في الوقت على نوع من الخلل، لا تجب إعادتها.

وللقائلين بوجوب الإعادة أن يجيبوا عن هذا الحديث بأن الإعادة ليست على الفور، ويجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة على المختار. انتهى كلام النوويّ رَحمه اللهُ (?).

قال الجامع عفا الله عنه: أرجح المذاهب عندي هو ما ذهب إليه المزنيّ، وهو المشهور عن الإمام أحمد، وسحنون من المالكيّة، وابن المنذر - كما عزاه إليهم في "الفتح" (?) - لقوّة دليله، كما قاله النوويّ.

وأما قوله: "إن الإعادة لا تجب على الفور" ففيه نظر، بل الحقّ أنه يجب إذا قدر الشخص عليه، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاة أو نسيها، فليُصلّها إذا ذكرها"، متّفقٌ عليه، فقد أوجب عليه أن يصليها وقت تذكّرها، وهذا مثله، فلو كانت الإعادة واجبة لبيّنها لهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الوقت؛ لأن ذلك وقت الحاجة، فلما لم يبيّنها تبيّن عدم وجوبها.

والحاصل أن الأرجح أن من فقد شرطًا من شروط الصلاة، كفاقد الطهورين، وعادم ما يستر عورته، ونحو ذلك تجب عليه الصلاة، ولا تجب عليه الإعادة؛ لأنه قام بما كُلّف به، فقد صحّ عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم"، متّفق عليه، والله تعالى يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015