وذَكَر الهرويّ، عن الأزهريّ أنه الْجُلَّابُ - بضمّ الجيم، وتشديد اللام - قال الأزهريّ: وأراد به ماء الورد، وهو فارسيّ مُعَرَّبٌ، وأنكر الهرويّ هذا، وقال: أراه الْحِلَابَ، وذكر نحو ما قدّمناه، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وقال في "الفتح": قوله: "نحوِ الْحِلاب": أي إناء قريب من الإناء الذي يُسَمَّى الْحِلاب، وقد وصفه أبو عاصم بأنه أقل من شبر في شبر، أخرجه أبو عوانة في "صحيحه" عنه، وفي رواية لابن حبان: وأشار أبو عاصم بكفيه فكأنه حلّق بشبريه، يصف به دوره الأعلى، وفي رواية للبيهقيّ: "كقدر كُوز يسع ثمانية أرطال". انتهى.
(فَأَخَذَ بكَفِّهِ) بالإفراد (بَدَأَ بِشِقِّ) بكسر الشين المعجمة: أي جانب (رَأْسِهِ الأيَمَن، ثُمَّ) ثًنَّى بشقّه (الْأَيْسَر، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ) بالتثنية، (فَقَالَ بِهِمَا)، أي قلب الماء الذي في الكفّين، ففيه اطلاق القول على الفعل، قال في "العمدة": والعرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال، وتُطلقه أيضًا على غير الكلام، فتقول: قال بيده: أي أخذ، وقال برجله: أي مَشَى، قال الشاعر [من الطويل]:
وَقَالَتْ لَهُ الْعَيْنَانِ سَمْعًا وَطَاعَةً
أي أومأت، وجاء في حديث آخر: "فقال بثوبه": أي دفعه، وكلُّ ذلك على المجاز والاتساع. انتهى، وقد تقدّم نظم معاني "قال" قريبًا، فلا تغفل.
(عَلَى رَأْسِهِ)، وفي رواية البخاريّ: "فقال بهما على وسط رأسه" - بفتح السين -.
[تنبيه]: قال الجوهريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "الْوَسْطُ" بالسكون: ظرفٌ، وبالحركة اسمٌ، وكل موضع صلح فيه "بَيْن" فهو بالسكون، وإن لم يصلح فيه، فهو بالتحريك، وقال الْمُطَرّزيّ: سمعت ثعلبًا يقول: استنبطنا من هذا الباب أن كل ما كان أجزاء ينفصل قلت فيه وَسْطٌ بالتسكين، وما كان لا ينفصل، ولا يتفرق، قلت بالتحريك، تقول من الأول: اجعل هذه الْخَرَزة وَسْط السُّبْحة، وانظم هذه الياقوتة وَسْط القِلادة، وتقول أيضا منه: لا تقعد وَسْط الحلقة، ووَسْط القوم، هذا كله يتجزأ، ويتفرق، وينفصل، فيقال فيه بالتسكين، وتقول في القسم