منهم غسل الرجلين، إلا أبو معاوية، ولم يذكر غسل اليدين في ابتداء الوضوء غير وكيع، وليست زيادتهما عندنا بالمحفوظة، وسمعت أبا جعفر الحضرميّ يقول: سمعت ابن نُمير يقول: كان أبو معاوية يضطرب فيما كان من غير الأعمش، وسمعت الحسين بن إدريس يقول: سمعت عثمان بن أبي شيبة يقول: أبو معاوية في حديث الأعمش حجّةٌ، وفي غيره لا. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي في هذا الإعلال نظر؛ لأن لرواية أبي معاوية شاهدًا من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة - رضي الله عنها - عند أبي داود الطيالسيّ، فقد ذكر حديث الغسل، وزاد في آخره: "فإذا فرغ غَسَل رجليه"، كحديث أبي معاوية، ويؤيّد هذا حديث ميمونة - رضي الله عنها - الآتي، ففيه أنه أخّر غسل رجليه، ولذا قال البيهقيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله في آخر هذا الحديث: "ثم غسل رجليه" غريبٌ صحيحٌ حَفِظه أبو معاوية، دون غيره من أصحاب هشام من الثقات، وذلك للتنظيف - إن شاء الله تعالى -. انتهى (?).

والحاصل أن زيادة غسل الرجلين في رواية أبي معاوية صحيحة، فيكون حديث عائشة - رضي الله عنها - بمعنى حديث ميمونة - رضي الله عنها -، فتأمّله بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في فوائده:

1 - (منها): مشروعيّة غسل اليدين قبل الشروع في الوضوء والغسل، وقد تقدّم تمام البحث فيه.

2 - (منها): أن قولها: "غسل يديه" هذا الغسل قبل إدخال اليدين الإناء، وقد تبيّن ذلك مصرّحًا به في رواية زائدة الآتية، بلفظ: "كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ، فغسل يديه قبل أن يُدخل يده في الإناء".

3 - (ومنها): استحباب تقديم الوضوء على الغسل، وقد اختُلف فيه، فذهب الجمهور إلى استحبابه، وذهب بعضهم إلى وجوبه، وأن الغسل لا ينوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015