غيرُ واحد، فعلى هذا تصحّ الروايتان، وأصل ذلك كلّه من خروج الدم، وهو المسمّى نَفْسًا، كما قال الشاعر [من الطويل]:
تَسِيلُ عَلَى حَدِّ السُّيُوفِ نُفُوسُنَا ... وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (?).
وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: نُفِسَت المرأةُ بالبناء للمفعول، فهي نُفَساءُ، والجمع نِفَاسٌ بالكسر، ومثلُهُ عُشَرَاءُ وعِشَار، وبعض العرب يقول: نَفِسَت تَنْفَسُ، من باب تَعِبَ، فهي نافسٌ، مثلُ حائض، والولد منفوسٌ، والنِّفَاسُ بالكسر أيضًا اسم من ذلك، ونَفِسَت تَنْفَسُ، من باب تَعِبَ: حاضت، ونُقِل عن الأصمعيّ: نُفِست بالبناء للمفعول أيضًا، وليس بمشهور في الكتب في الحيض، ولا يقال في الحيض نُفِست بالبناء للمفعول، وهو من النفس، وهو الدم، ومنه قولهم: لا نفسَ له سائلةٌ، أي لا دم له يَجري، وسُمّي الدم نفسًا؛ لأن النفس التي هي اسم لجملة الحيوان قِوَامها بالدم، والنُّفساء من هذا. انتهى (?).
(قُلْتُ: نَعَمْ) أي حِضتُ، لأن "نعم" - بفتحتين - معناها التصديق، إن وقعت بعد الماضي، كهذا الحديث، وكنحو هل قام زيد؟ ، وإن وقعت بعد المستقبل، نحو تقوم، فمعناها الوعدُ، وقد تقدّم تمام البحث فيها في "شرح المقدّمة"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
(فَدَعَانِي) أي طلبني، وناداني - صلى الله عليه وسلم - لأنام معه؛ لأن الحيض ليس مانعًا من ذلك (فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ) أي نِمْتُ مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، يقال: ضَجَعَ ضَجْعًا، من باب نَفَعَ، وضُجُوعًا، وضَجَعْتُ جنبي بالأرض، وأضجعتُ بالألف لغةٌ، فأنا ضاجعٌ، ومُضْجِعٌ، وأضجعت فلانًا بالألف لا غير: ألقيته على جنبه، واضطجعتُ افتعالٌ منه، أُبدلت تاؤه طاءً على القاعدة التي مرّت في "مُضْطجعة"، ومن العرب من يقول: اضَّجَعَ، فيقلب التاء ضادًا، ويُدغمها في الضاد؛ تغليبًا للحرف الأصليّ، وهو الضاد، ولا يقال: اطَّجَعَ بطاء مشدّدة؛ لأن الضاد لا تُدغم في الطاء؛ لكونها أقوى منها، والحرف لا يُدغم في