وقولها: (وَأيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ إلخ) قال النوويّ (?) - رحمه الله -: أكثر الروايات فيه بكسر الهمزة، مع إسكان الراء، ومعناه: عُضْوُه الذي يستمتع به، أي الفرج، ورواه جماعة بفتح الهمزة والراء، ومعناه: حاجته، وهي شهوة الجماع، والمقصود: أملككم لنفسه، فيَأمَن مع هذه المباشرة الوقوعَ في المحرَّم، وهو مباشرة فرج الحائض، واختار الخطابيّ هذه الرواية، وأنكر الأولى، وعابها على المحدثين. انتهى (?).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قولها: "وأيّكم يملك إربه" قيّدناه بكسر الهمزة، وإسكان الراء، وبفتح الهمزة وفتح الراء، وكلاهما له معنى صحيح، وإن كان الخطّابيّ أنكر الأول على المحدّثين، ووَجْهُ الأول أن الإِرْب: العضو، والآراب: الأعضاءُ، فكَنَت به عن شهوة الفرج؛ إذ هو عضوٌ من الأعضاء، وهذا تكلّفٌ، بل في "الصحاح" أن الإرب العضو، والدَّهاء، والحاجة أيضًا، وفيه لغات: إِرْبٌ، وإِرْبةٌ، وأَرَبٌ، ومَأرَبةٌ، ويقال: هو ذو أَرَبٍ، أي ذو عقل، فقولها: "يملك إربه" بالروايتين، تعني حاجته للنساء. انتهى (?).

وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: الأَرَبُ بفتحتين، والإِرْبةُ بالكسر، والْمَأرُبَةُ بفتح الراء وضمّها: الحاجة، والجمع المآرب، والأَرَبُ في الأصل: مصدرٌ، من باب تَعِبَ، يقال: أَرِبَ الرجلُ إلى الشيء: إذا احتاج إليه، فهو آربٌ على فاعلٍ، والإِرْبُ بالكسر يُستَعْمَلُ في الحاجة، وفي العُضْو، والجمع آراب، مثلُ حِمْلٍ وأَحْمَال، وفي الحديث: "وكان أملككم لإربه"، أي لنفسه عن الوقوع في الشهوات. انتهى (?).

وقال أبو نعيم - رحمه الله - في "المستخرج": الإرب: الحاجة، وقال النضر: الإرب العقلُ، يعني: أيكم يصبر كما صبر - عليه السلام -؟ . انتهى (?).

وتمام شرح الحديث، ومسائله تقدّمت في الحديث الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015