أقل الحيض، وأكثره هو العرف، فلا حدّ لأقلّه، ولا لأكثره؛ لعدم ورود نصّ قاطع، ولا إجماع على ذلك، فما حصل من المرأة بصفة الحيض في أوقاته المعلومة، فهو حيض قلّ أو كثُر إلى أن تطهر، فإن تمادى بها فلا يتجاوز سبعة عشر يومًا؛ لأن ذلك أقصى ما نُقل عن أهل العلم، ووقع عليه الإجماع، كما أشار إليه ابن حزم رحمه اللهُ، والله تعالى أعلم بالصواب.
(المسألة الرابعة): (اعلم): أنه قد علّق الشرع على الحيض أحكامًا:
(فمنها): أنه يَحرُم وطء الحائض في الفرج؛ لقول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222].
(ومنها): أنه يمنع فعل الصلاة والصوم، بدليل قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أليست إحداكُنّ إذا حاضت لا تصوم ولا تصلي؟ "، رواه البخاريّ، وقالت حمنة - رضي الله عنها - للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إني أُستحاض حيضةً شديدةً منكرةً، وقد منعتني الصوم والصلاة ... " الحديث، وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش - رضي الله عنها -: "إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة ... "، الحديث.
(ومنها): أنه يُسقِط وجوب الصلاة دون الصيام؛ لِمَا رُوي أن معاذة قالت: سألت عائشة - رضي الله عنها -، فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنتِ؟ فقلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، فقالت: "كنا نحيض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة"، متفق عليه، إنما قالت لها عائشة ذلك؛ لأن الخوارج يرون على الحائض قضاء الصلاة.
(ومنها): أنه يمنع قراءة القرآن؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقرأ الحائض، ولا الجنب شيئًا من القرآن".
قال الجامع عفا الله عنه: لكن هذا الحديث ضعيف، وسيأتي تحقيق الخلاف في ذلك، وترجيح القول بجواز قراءتها القرآن - إن شاء الله تعالى -.
(ومنها): أنه يمنع اللبث في المسجد، والطواف بالبيت، لأنه في معنى الجنابة.
(ومنها): أنه يُحَرِّم الطلاق؛ لقول الله تعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ