وقوله: حَيَّضَت: أي سَيَّلَت، والذَّوَارِي، والذاريات: الرياح. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب.
(المسألة الثانية): فيما جاء في ابتداء الحيض:
قال الإمام البخاريّ رحمه الله في "صحيحه": "باب كيف كان بدءُ الحيض"، وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "هذا شيءٌ كتبه الله علي بنات آدم" (?)، وقال بعضهم: كان أوّلُ ما أُرسل الحيض على بني إسرائيل، وحديث النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أكثر. انتهى.
قوله: وقال بعضهم: "كان أول إلخ" قال في "الفتح: وكأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - بإسناد صحيح، قال: "كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعًا، فكانت المرأة تتشرف للرجل، فألقى الله عليهن الحيض، ومنعهن المساجد".
وقوله: وحديث النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أكثر، قيل: معناه: أشمل؛ لأنه عامّ في جميع بنات آدم، فيتناول الإسرائيليات، ومَن قبلهنّ، أو المراد: أكثر شواهد، أو أكثر قوّةً، وقال الداوديّ: ليس بينهما مخالفةٌ، فإن نساء بني إسرائيل من بنات آدم، فعلى هذا فقوله: "بنات آدم" عامّ أُريد به الخصوص.
قال الحافظ: ويمكن أن يُجمَع بينهما مع القول بالتعميم، بأن الذي أُرسل على نساء بني إسرائيل طول مكثه بهن عقوبةً لهنّ، لا ابتداء وجوده.
وقد رَوَى الطبريّ وغيره عن ابن عباس وغيره، أن قوله تعالى في قصة إبراهيم: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} [هود: 71] أي حاضت، والقصة متقدمة على بني إسرائيل بلا ريب.