العلم، وفي ترك أهل العلم إنكار بيع ذلك في القديم والحديث، واستعمال ذلك، معتمدين فيها على السنة الثابتة بيان لما ذكرناه. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله (?).
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي حقّق الإمام ابن المنذر رحمه اللهُ بحث نفيسٌ، خلاصته أن الأرجح كون الأبوال والأبعار، والأخثاء طاهرة مطلقًا، من جميع الحيوانات، مأكولة اللحم، وغير مأكولته، إلا بول الآدميّ؛ لقوّة حجته، والله تعالى أعلم.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيميّة: عن بول ما يؤكل لحمه، هل هو نَجَسٌ؟ .
فأجاب: أما بول ما يؤكل لحمه وروثه، فإن أكثر السلف على أن ذلك ليس بنجس، وهو مذهب مالك، وأحمد، وغيرهما، ويقال: إنه لم يذهب أحد من الصحابة إلى تنجيس ذلك، بل القول بنجاسة ذلك قول مُحْدَثٌ، لا سلف له من الصحابة، والقائل بتنجيس ذلك ليس معه دليلٌ شرعيّ على نجاسته أصلًا، فإن غاية ما اعتَمَدوا عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تنزّهوا من البول"، وظنّوا أن هذا عامّ في جميع الأحوال، وليس كذلك، فإن اللام لتعريف العهد، والبول المعهود هو بول الآدميّ، ودليله قوله: "تنزّهوا من البول، فإن عامّة عذاب القبر منه"، ومعلوم أن عامّة عذاب القبر إنما هو من بول الآدميّ نفسِهِ الذي يصيبه كثيرًا، لا من بول البهائم الذي لا يُصيبه إلا نادرًا.
وقد ثبت في "الصحيحين" عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر العُرَنيين الذين كانوا حديثي عهد بالإسلام أن يَلْحَقُوا بإبل الصدقة، وأمر أن يشربوا من أبوالها وألبانها، ولم يأمرهم مع ذلك بغسل ما يُصيب أفواههم وأيديهم، ولا بغسل الأوعية التي فيها الأبوال، مع حِدْثان عهدهم بالإسلام، ولو كان بول الأنعام كبول الإنسان لكان بيان ذلك واجبًا، ولم يجز تأخير البيان عن وقت الحاجة، لا سيّما مع أنه قرنها بالألبان التي هي حلالٌ ظاهرة، مع أن التداوي بالخبائث قد ثبت فيه النهي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من وجوه كثيرة.