ومما يؤيّد ما ذكرته أن الحافظ أبا نُعيم - رَحِمَهُ اللهُ - أثبت ذلك في "مستخرجه" (1/ 322)، ونصّه: "رواه مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن مهديّ، عن همّام. انتهى.
والحاصل أن الحكم على هذا السند بالتصحيف عندي غير مقبول، فهمّام بن يحيى مشهور بالرواية عن يحيى بن أبي كثير، كاشتهار رواية هشام الدستوائيّ عنه، وإن لَمْ يكن في الحفظ مثله، فغير مستغرب وقوعه في هذا السند، فليُتأمّل، والله تعالى أعلم.
5 - (ومنها): أن صحابيّه - رضي الله عنه - يُلقّب بأنه فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "خير فرساننا أبو قتادة"، وذلك في قصّة طويلة ساقها الشيخان، وغيرهما من حديث سلمة بن الأكوع حينما أُغير على لقاح النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهي قصّة مشهورة، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ) تقدّم الخلاف في اسمه، والمشهور أنه الحارث بن رِبْعيّ - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا) ناهية، وقوله: (يُمْسِكَنَّ) مجزوم المحلّ بها؛ لكونه مبنيًّا؛ لاتّصال نون التوكيد به، كما قال في "الخلاصة":
.................... ... وَأَعْرَبُوا مُضَارِعًا إِنْ عَرِيَا
مِنْ نُونِ تَوْكِيدٍ مُبَاشِرٍ وَمِنْ ... نُونِ إِنَاثٍ كَـ"يَرُعْنَ مَنْ فُتِنْ"
وذكر في "الفتح" ما يُفيد أن "لا" ناهية والأفعال الثلاثة مجزومة، ورُوي بالرفع فيها على أن "لا" نافية (?).
وقوله: "يُمْسِكَن" - بضم أوله - من الإمساك: أي لا يأخذنّ (أحَدُكُمْ ذَكَرَهُ) - بفتحتين -: الفرج من الحيوان، جمعه ذِكَرَةٌ - بكسر، ففتح - بوزن عِنبَةٍ، ومَذَاكيرُ على غير قياس؛ قاله الفيّوميّ (?).