4 - (ومنها): أن النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - ادّعى في "شرحه"، أن في هذا السند تصحيفًا، ودونك نصّه:
قوله: "حدّثنا يحيى بن يحيى، حدّثنا عبد الرَّحمن بن مهديّ، عن همام .. إلخ" هكذا هو في الأصول التي رأيناها في الأول "هَمّام" بالميم، عن يحيى بن أبي كثير، وفي الثاني "هشام" بالشين، وأظن الأول تصحيفًا من بعض الناقلين عن مسلم، فإن البخاريّ، والنسائيّ، وغيرهما من الأئمة رووه عن هشام الدّستوائيّ، كما رواه مسلم في الطريق الثاني، وقد أوضح ما قلته الإمام الحافظ، أبو محمد، خَلَفٌ الواسطيّ، فقال: رواه مسلم عن يحيى بن يحيى، عن عبد الرَّحمن بن مهديّ، عن هشام، وعن يحيى بن يحيى، عن وكيع، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، فصَرَّح الإمام خلفٌ بأن مسلمًا رواه في الطريقين، عن هشام الدّستوائيّ، فدَلّ هذا على أن همّامًا بالميم تصحيفٌ وَقَعَ في نسخنا ممن بعد مسلم، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ (?).
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا ادَّعى النوويّ التصحيف هنا، ولي فيه نظر؛ لأنه لا دليل عليه إلَّا احتجاجه بما قاله خلف الواسطيّ، وهذا وحده لا يكفي، وقد ذكر الحافظ المزيّ - رَحِمَهُ اللهُ - ما ذكره خلف، ولكن الظاهر من سياقه أنه لَمْ يُوافقه عليه، ودونك عبارته:
في كتاب خلف، وأبي مسعود: "عبد الرَّحمن بن مهديّ، عن هشام"، وفي "صحيح مسلم": "عن همّام"، وفي بعض الأصول الصحيحة منه: "عن همّام بن يحيى". انتهى كلام المزيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
فظاهر كلام المزيّ - رَحِمَهُ اللهُ - أنه يصوّب ما وقع في "صحيح مسلم" بلفظ "همّام"، فقد أيّد ذلك بقوله: "وفي بعض الأصول الصحيحة .. إلخ"، ولم يعلّق الحافظ ابن حجر في "نكته"، ولا الحافظ وليّ الدين في "أطرافه" شيئًا، مع شدّة اهتمامهما في مثل ذلك.