على العموم لا تنافي الإطلاق، فالعمل بالعامّ يستلزم العمل بالمطلق، وأقوى دليل على ذلك عمل هذا الصحابيّ الجليل - رضي الله عنه - بعموم هذا الحديث؛ فإنه عالم بلغة العرب، وعالم بمقاصد الشريعة، وقد حمل العامّ على عمومه.
[فإن قلت]: على هذا يلزم ترجيح مذهب من يقول بتحريم الاستقبال والاستدبار في البناء، فكيف رجحتم مذهب من قال بالجواز فيه؟ .
[قلت]: إنما رجحنا ذلك لدليل آخر، قام بتخصيص عمومه، وهو حديث ابن عمر - رضي الله عنه -، فلولاه لكان مذهب أبي أيوب زجه هو الراجح، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:
[616] (265) - (وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّاب، حَدَّثَنَا يَزِيدُ - يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ - حَدَّثَنَا رَوْحٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنِ الْقَعْقَاع، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِه، فَلا يَسْتَقْبِلِ (?) الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا").
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
1 - (أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ) أبو جعفر البغداديّ، صدوقٌ [11] (ت 242) (م ت) تقدم في "الإيمان" 42/ 280.
2 - (عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ) بن رياح بن عَبِيدة - بفتح أوله - الرياحيّ - بكسر الراء، ثم تحتانيّة - أبو حفص البصريّ، ثقة [10].
رَوَى عن إبراهيم بن سعد، وجُويرية بن أسماء، وعامر بن أبي عامر الخزّاز، ومعتمر بن سليمان، ويزيد بن زريع، وطائفة.
ورَوَى عنه أحمد بن الحسن بن خِرَاش، والعباس بن عبد العظيم العنبريّ، وأحمد بن يوسف السلميّ، وأحمد بن منصور الرَّمَاديّ، وعباس