واستظهر الصنعانيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "حاشيته" عدم تناوله للريح والبول، قال: فإنهم كانوا لا يقصدون الغائط للبول والريح، فإطلاقه على مطلق الخارج كما أفاده الآخر من الترديد غير واضح. نعم، الحكم في الآية عامّ؛ لأدلّة أخرى. انتهى (?).

(فَلَا) ناهية، فلذا جُزم الفعل بعدها (تَسْتَقْبِلُوا) أي تواجهوا بفروجكم (الْقِبْلَةَ) أي الكعبة؛ لأنَّها المرادة عند الإطلاق (وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَما) أي لا تجعلوها خلفكم، والاستدبار خلاف الاستقبال (بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ) متعلّق بالفعل قبله، وقيل: متعلّق بحال محذوف من ضمير "لا تستقبلوا"، أي لا تستقبلوا القبلة حال كونكم مقترنين ببول، ولا غائط (وَلَكِنْ شَرِّقُوا، أَوْ غَرِّبُوا") أي توجّهوا إلى جهة المشرق، أو المغرب.

وقال البغويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا خطاب لأهل المدينة، ولمن كانت قبلته على ذلك السمت، فأما من كانت قبلته إلى جهة المشرق، أو المغرب، فإنه ينحرف إلى الجنوب أو الشمال (?).

وقال الإمام ابن حبّان - رَحِمَهُ اللهُ - في "صحيحه": قوله: "شرِّقوا أو غرِّبوا" لفظة أمر تُستعمل على عمومه في بعض الأعمال، وقد يخُصّه خبر ابن عمر بأن هذا الأمر قُصد به الصحارَى دون الكُنُف، والمواضع المستورة، والتخصيص الثاني الذي هو من الإجماع أن من كانت قبلته في المشرق، أو في المغرب عليه أن لا يستقبلها، ولا يستدبرها بغائط أو بول؛ لأنَّها قبلته، وإنما أُمر أن يستقبل، أو يستدبر ضدّ القبلة عند الحاجة. انتهى (?).

وقال السنديّ - رَحِمَهُ اللهُ -: والمقصود الإرشاد إلى جهة أخرى لا يكون فيها استقبال القبلة، ولا استدبارها، وهذا مختلف بحسب البلاد، فلكلِّ أن يأخذ بهذا الحديث بالنظر إلى المعنى، لا بالنظر إلى اللفظ. انتهى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015