وفي البخاري عن ابن عباس أنه وصف ابن الزبير، فقال: عفيف الإسلام، قارىء القرآن، أبوه حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمه بنت الصديق، وجدته صفية، عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعمة أبيه خديجة بنت خويلد.
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا الزنجي بن خالد، عن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مصليًا أحسن صلاة من ابن الزبير، وأخرج أبو نعيم بسند صحيح عن مجاهد: كان ابن الزبير إذا قام للصلاة كأنه عمود، وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق ليث عن مجاهد: ما كان باب من العبادة إلا تكلفه ابن الزبير، ولقد جاء سيل بالبيت، فرأيت ابن الزبير يطوف سِبَاحةً، وشهد ابن الزبير اليرموك مع أبيه الزبير، وشهد فتح إفريقية، وكان البشير بالفتح إلى عثمان، ذكره الزبير، وابن عائذ، واقتص الزبير قصة الفتح، وأن الفتح كان على يديه، وشهد الدار، وكان يقاتل عن عثمان، ثم شهد الجمل مع عائشة، وكان على الرجالة. قال الزبير: حدثني يحيى بن معين، عن هشام بن يوسف، عن معمر، أخبرني هشام بن عروة، قال: أُخذ عبد الله بن الزبير من وسط القتلى يوم الجمل، وفيه بضع وأربعون جراحة، فأَعطت عائشة البشير الذي بشّرها بأنه لم يمت عشرة آلاف، ثم اعتزل ابن الزبير حروب علي ومعاوية، ثم بايع لمعاوية، فلما أراد أن يبايع ليزيد امتنع، وتحوّل إلى مكة، وعاذ بالحرم، فأرسل إليه يزيدُ سليمانَ أن يبايع له، فأبى، ولَقَّب نفسه عائذ الله، فلما كانت وقعة الحرّة، وفَتَكَ أهل الشام بأهل المدينة، ثم تحولوا إلى مكة، فقاتلوا ابن الزبير، واحترقت الكعبة أيام ذلك الحصار، ففجعهم الخبر بموت يزيد بن معاوية، فتوادعوا، ورجع أهل الشام، وبايع الناس عبد الله بن الزبير بالخلافة، وأرسل إلى أهل الأمصار يبايعهم، إلا بعض أهل الشام، فسار مروان، فغلب على بقية الشام، ثم على مصر، ثم مات، فقام عبد الملك بن مروان، فغلب على العراق، وقتل مصعب بن الزبير، ثم جَهَّزَ الحجاج إلى ابن الزبير، فقاتله إلى أن قُتل ابن الزبير في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وهذا هو المحفوظ، وهو قول الجمهور، وعند البغوي عن ابن وهب، عن مالك، أنه قُتل على رأس اثنتين وسبعين، وكأنه أراد بعد انقضائها (?).