[أحدهما]: أن يُردّ مطلق الأحاديث إلى مقيَّدها.

[والثاني]: أن نقول: إن ذلك يختلف بحسب اختلاف أحوال الأشخاص، فلا بُعد في أن يكون بعض المتوضّئين يحصل له من الحضور، ومراعاة الآداب المكمّلة ما يستقلّ بسببها وضوؤه بالتكفير، وربّ متوضّئ لا يحصل له مثل ذلك، فيُكفَّ عنه بمجموع الوضوء والصلاة، ولا يُعتَرَض على هذا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتمّ الوضوء كما أمره الله، فالصلوات المكتوبة كفّارات لما بينهنّ"؛ لأنا نقول: من اقتصر على واجبات الوضوء، فقد توضّأ كما أمره الله تعالى، كما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للأعرابيّ: "توضّأ كما أمرك الله"، فأحاله على آية الوضوء على ما قدّمناه، وكذلك ذكر النسائيّ رحمه الله من حديث رفاعة بن رافع - رضي الله عنه -، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: " إنها لا تتمّ صلاة أحدكم حتى يُسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى، فيغسل وجهه، ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه، ورجليه إلى الكعبين"، ونحن إنما أردنا المحافظة على الآداب المكمّلة التي لا يُراعيها إلا من نَوّر الله تعالى باطنه بالعلم والمراقبة، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (?).

وقال النوويّ رحمه الله: وقد يقال: إذا كَفَّر الوضوء، فماذا تكفر الصلاة؟ وإذا كَفَّرت الصلاة فماذا تكفر الجمعات ورمضان؟ وكذلك صوم يوم عرفة كفارة سنتين، ويوم عاشوراء كفارة سنة، وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفِر له ما تقدم من ذنبه.

والجواب: ما أجاب به العلماء أن كُلَّ واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإن وَجَد ما يُكَفّره من الصغائر كفّره، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة، كُتبت به حسنات، ورُفِعت به درجات، وإن صادف كبيرة أو كبائر، ولم يصادف صغيرةً رَجَونا أن يُخَفّف من الكبائر، والله تعالى أعلم. انتهى (?).

وقوله: (وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدَةَ) أي أحمد بن عبدة الضبيّ، شيخه الثاني (أتيْتُ عُثْمَانَ، فَتَوَضَّأَ) يعني أنه لم يذكر لفظة "بِوَضوء"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015