وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: الفرائض ثلث العلم، ووجه ذلك: الحديثُ الذي أخرجه أبو داود، وابن ماجه، من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - مرفوعًا: "العلم ثلاثة، وما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة" (?).
ورُوي عن مجاهد أنه قال: المضمضة والاستنشاق نصف الوضوء، ولعله أراد أن الوضوء قسمان: أحدهما: مذكور في القرآن، والثاني: مأخوذ من السنة، وهو المضمضة والاستنشاق، أو أراد أن المضمضة والاستنشاق يُطهران باطنَ الجسد، وغسل سائر الأعضاء يُطَهِّر ظاهره، فهما نصفان بهذا الاعتبار، ومنه قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: "الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله" (?)، وجاء من رواية يزيد الرَّقَاشيّ، عن أنس، مرفوعًا: "الإيمان نصفان: نصف في الصبر، ونصف في الشكر" (?). فلما كان الإيمان يشمل فعل الواجبات، وترك المحرمات، ولا يُنال ذلك كلُّه إلا بالصبر، كان الصبر نصف الإيمان، فهكذا يقال في الوضوء: إنه نصف الصلاة.
وأيضًا، فالصلاة تكفّر الذنوب والخطايا، بشرط إسباغ الوضوء، وإحسانه، فصار شطر الصلاة بهذا الاعتبار أيضًا كما في "صحيح مسلم" عن عثمان - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من مسلم يتطهر، فيتم الطهور الذي كتب عليه، فيصلي هذه الصلوات الخمس، إلا كانت كفارةً لما بينهن"، وفي رواية له: "من أتم الوضوء كما أمره الله، فالصلوات المكتوبة كفاراتٌ لما بينهن".
وأيضًا فالصلاة مفتاح الجنة، والوضوء مفتاح الصلاة، كما أخرجه الإمام أحمد، والترمذيّ، من حديث جابر - رضي الله عنه - مرفوعًا، وكلٌّ من الصلاة والوضوء موجب لفتح أبواب الجنة، كما في "صحيح مسلم" عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أنه