قَالَ: بَلْ هِيَ الْفَاضِحَةُ، مَا زَالَتْ تَنْزِلُ: وَمِنْهُمْ، وَمِنْهُمْ، حَثَّى ظنُوا أَنْ لَا يَبْقَى مِنَّا
أَحَدٌ إِلَّا ذُكِرَ فِيهَا، قَالَ: قُلْتُ: سُورَةُ الأَنْفَالِ، قَالَ: تِلْكَ سُورَةُ بَدْرٍ، قَالَ: قُلْتُ:
فَالْحَشْرُ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي بَنِي النَّضِيرِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُطِيع) بن راشد البكريّ، أبو محمد النيسابوريّ، نزيل
بغداد [10]، تقدم في "الإيمان" 46/ 296.
2 - (هُشَيْمُ) بن بَشِير الواسطيّ، من كبار [7]، تقدم في "المقدمة" 3/ 9.
3 - (أَبُو بِشْرٍ) بن أبي وَحْشيّة جعفر بن إياس الواسطيّ، بصريّ
الأصل [5]، تقدم في "الطهارة" 9/ 578.
والباقيان ذُكرا قريبًا.
شرح الحديث:
(عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ)؛ أنه (قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (سُورَةُ التَّوْبَةِ) فيه
استفهام مقدّر؛ أي: أهذه سورة التوبة؛ أي: ما هي سورة التوبة؟ أو كيف نزلت؟ ،
أو لماذا نزلت؟ وكذا يقدّر فيما بعده. (قَالَ) ابن عبّاس: (آلتَّوْبَةِ؟ ) هو استفهام
إنكار، بدليل قوله: "هي الفاضحة"، ووقع في رواية الإسماعيلي من وجه آخر،
عن هشيم: "سورة التوبة، قال: بل سورة الفاضحة". (قَالَ) ابن عبّاس: (بَلْ هِيَ
الْفَاضِحَةُ)؛ أي: اللائق بها أن تُسمّى بالسورة الفاضحة، لأنها فضحت عن سرائر
المنافقين، كما أشار إليه بقوله: "ما زالت تنزل ... إلخ"؛ يعني: أنه إنما يليق بها
أن تسمّى بالفاضحة، لأن ما تضمّنته من فضائحهم أكثر مما تضمّنته من بيان
التوبة، ومن سمّاها توبة، فلكونها ذكرت توبة كعب بن مالك وصاحبيه -رضي الله عنهم-.
قال: (مَا زَالَتْ تَنْزِلُ)؛ أي: آياتها، (وَمِنْهُمْ، وَمِنْهُمْ)؛ أي: كقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ
عَاهَدَ اللَّهَ} [التوبة: 75]، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58]، {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ
يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} [التوبة 61]، (حَتَّى ظنُّوا)؛ أي: الناس الذين كانوا موجودين عند نزول
هذه السورة، (أَنْ) مخففة من الثقيلة، فأصلها أنه، والضمير للشأن، (لَا يَبْقَى مِنَّا أَحَدٌ
إِلَّا ذُكِرَ) بالبناء للمفعول، (فِيهَا) وفي رواية البخاريّ: "حتى ظنّوا أنها لم تُبق أحدًا
منهم إلا ذُكر فيها"، قال في "الفتح": قوله: "لم تبق" في رواية الكشميهنيّ: "لن