وحاصل كلامها: أنها كشفت فرجها لضرورة الطواف، لا لإباحة النظر
إليه، والاستمتاع به، فليس لأحد أن يفعل ذلك.
قَال ابن عباسّ -رضي الله عنهما- (فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ)؛ يعني: قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ
عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} قال أبو عبد الله القرطبيّ رحمه الله في "تفسيره": هو خطاب لجميع
العالم، وإن كان المقصود بها من كان يطوف من العرب بالبيت عريانًا، فإنه عامّ
في كلّ مسجد؛ لأن العبرة للعموم، لا للسبب. {خُذُوا زِينَتَكُمْ}؛ أي ما يستر
عورتكم، {عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}؛ أي: عند الصلاة، والطواف، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عباس -رضي الله عنه- هذا من افراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [3/ 7512] (3028)، و (النسائيّ) في "المجتبى"
(2957) وفي "الكبرى" (3947 و 11182)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (4/
208)، و- (البيهقيّ) في "الكبرى" (2/ 223 و 5/ 88)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان سبب نزول الآية الكريمة.
2 - (ومنها): أنه استُدلّ بالآية الكريمة على وجوب ستر العورة في
الطواف، وبه قال الجمهور، وهو الحقُّ، وخالف في ذلك الحنفيّة، فقالوا:
ستر العورة في الطواف ليس بشرط، فمن طاف عريانًا أعاد ما دام بمكة، فإن
خرج لزمه، دم.
3 - (ومنها): وجوب ستر العورة في الصلاة، وبه قال الجمهور، وهو
الحقُّ، واختُلف فيه عن مالك على ثلاثة أقوال: الوجوب مطلقًا، والسُّنّة
مطلقًا، والفرق بين العمد، والنسيان، فيجب مع العمد، ولا يجب مع النسيان،
والعذر. لأشاله القرطبيّ.
4 - (ومنها): بيان ما كانت عليه الجاهليّة من الضلالات، والفسوق،
وعدم المبالاة بكشف العورات، والله تعالى أعلم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.