1 - (منها)، بيان سبب نزول الآية الكريمة.
2 - (ومنها): يُسر الشريعة وسماحتها حيث يسّرت على والي اليتيم
أن يأكل من ماله قدر عمالته، وسيأتي اختلاف العلماء في ذلك في المسألة
التالية -إن شاء الله تعالى-.
3 - (ومنها): عناية الشريعة بالضعفاء والمساكين حيث شدّدت في مال
اليتيم، وحرّمت التصرّف فيه إلا بما يُصلحه، ولِكون عونًا له، وقد بيّن الله عز وجل
الوعيد الشديد في ذلك بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا
يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)} [النساء: 10] , والله تعالى أعلم.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في أكل والي اليتيم من ماله:
(اعلم): أنهم اختلفوا في ذلك:
فقيل: يجوز للوصيّ أن يأخذ من مال اليتيم قدر عُمالته، وهو قول
عائشة -رضي الله عنها- كما في حديث الباب، وعكرمة، والحسن، وغيرهم.
وقيل: لا يأكل منه إلا عند الحاجة، ثم اختلفوا، فقال عَبِيدة بن عمرو،
وسعيد بن جبير، ومجاهد: إذا أكل، ثم أيسر قضى. وقيل: لا يجب القضاء.
وقيفى: إن كان ذهبًا، أو فضة لم يَجُز أن يأخذ منه شيئًا، إلا على سبيل
القرض، وإن كان غير ذلك جاز بقدر الحاجة، وهذا أصح الأقوال عن ابن
عباس - رضي الله عنهما-، وبه قال الشعبيّ، وأبو العالية، وغيرهما، أخرج جميع ذلك ابن
جرير في "تفسيره"، وقال: هو بوجوب القضاء مطلقًا، وانتصر له. ومذهب
الشافعيّ رحمه الله: يأخذ أقل الأمرين، من أجرته، ونفقته، ولا يجب الردّ على
الصحيح، وحكى ابن التين عن ربيعة أن المراد بالفقير والغني في هذه الآية
اليتيم؛ أي: إن كان غنيًّا فلا يسرف في الإنفاق عليه، وإن كان فقيرًا فليطعمه
من ماله بالمعروف، ولا دلالة فيها على الأكل من مال اليتيم أصلًا، قال
الحافظ: والمشهور ما تقدم. انتهى (?).
وقال القرطبيّ: قول عائشة -رضي الله عنها- في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ
وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] أُنزلت في والي اليتيم، فعلى هذا